السلام عليك قلت وعليك .
والأولى الكف عن مخالطته ومعاملته ومواكلته وأما الانبساط معه والاسترسال إليه كما يسترسل إلى الأصدقاء فهو مكروه كراهة شديدة يكاد ينتهي ما يقوى منها إلى حد التحريم قال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم الآية وقال A المسلم والمشرك لا تتراءى ناراهما // حديث المؤمن والمشرك لا تتراءى ناراهما رواه أبو داود و الترمذي من حديث جرير أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم قال لا تراءى ناراهما رواه النسائي مرسلا وقال البخاري الصحيح أنه مرسل // .
وقال D يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية .
الثاني المبتدع الذي يدعو إلى بدعته .
فإن كانت البدعة بحيث يكفر بها فأمره أشد من الذمي لأنه لا يقر بجزية ولا يسامح بعقد ذمة وإن كان ممن لا يكفر به فأمره بينه وبين الله أخف من أمر الكافر لا محالة ولكن الأمر في الإنكار عليه أشد منه على الكافر لأن شر الكافر غير متعد فإن المسلمين اعتقدوا كفره فلا يلتفتون إلى قوله إذ لا يدعى لنفسه الإسلام واعتقاد الحق .
أما المبتدع الذي يدعوا إلا البدعة ويزعم أن ما يدعو إليه حق فهو سبب لغواية الخلق فشره متعد فالاستحباب في إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد وان سلم في خلوة فلا بأس برد جوابه وان علمت أن الإعراض عنه والسكوت عن جوابه يقبح في نفسه بدعته ويؤثر في زجرة فترك الجواب أولى لأن جواب الإسلام وان كان واجبا فيسقط بأذني غرض فيه مصلحة حتى يسقط بكون الإنسان في الحمام أو في قضاء حاجته وغرض الزجر أهم من هذه الأغراض وان كان في ملأ فترك الجواب أول تنفيرا للناس عنه وتقبيحا لبدعته في أعينهم وكذلك الأولى كف الإحسان إليه والإعانة له لا سيما فيما يظهر للخلق قال عليه السلام من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا ومن أهان صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر من ألان له وأكرمه أو لقيه ببشر فقد استخف بما أنزل الله على محمد A // حديث من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية و الهروي في ذم الكلام من حديث ابن عمر بسند ضعيف // .
الثالث المبتدع العامي الذي لا يقدر على الدعوة ولا يخاف الاقتداء به فأمره أهون فالأولى أن لا يقابح بالتغليظ و الإهانة بل يتلطف به في النصح فإن قلوب العوام سريعة التقلب فإن لم ينفع النصح وكان في الإعراض عنه تقبيح لبدعته في عينه تأكد الاستحباب في الإعراض وإن علم أن ذلك لا يؤثر فيه لجمود طبعه ورسوخ عقده في قلبه فالإعراض أولى لأن البدعة إذا لم يبالغ في تقبيحها شاعت بين الخلق وعم فسادها .
وأما العاصي بفعله وعمله لا باعتقاده فلا يخلو إما أن يكون بحيث يتأذى به غيره كالظلم و الغضب وشهادة الزور و الغيبة و التضريب بين الناس و المشي بالنميمة وأمثالها .
أو كان مما لا يقتصر عليه ويؤذى غيره وذلك ينقسم إلى ما يدعو غيره إلى الفساد كصاحب الماخور الذى يجمع بين الرجال والنساء ويهيء أسباب الشرب والفساد لأهل الفساد أو لا يدعو غيره إلى فعله كالذي يشرب ويزني وهذا الذي لا يدعو غيره إما أن يكون عصيانه بكبيرة أو بصغيرة وكل واحد فأما أن يكون مصرا عليه أو غير مصر فهذه التقسيمات يتحصل منها ثلاثة أقسام ولكل قسم منها رتبة وبعضها أشد من بعض ولا نسلك بالكل مسلكا واحدا .
القسم الأول وهو أشدها ما يتضرر به الناس كالظلم و الغصب وشهادة الزور و الغيبة و النميمة فهؤلاء الأولى الإعراض عنهم وترك مخالطتهم و الانقباض عن معاملتهم لأن المعصية شديدة فيما يرجع إلى إيذاء الخلق .
ثم هؤلاء