بها فى الحال طلب التقرب واكتساب المحبة ولكن الأمر ينحصر فى جنسه إذ ما يمكن التوصل إليه بالآيات لا يخفى وآية أنه لا يبغى المحبة أنه لو ولى فى الحال غيره لسلم المال إلى ذلك الغير فهذا مما اتفقوا على أن الكراهة فيه شديدة واختلفوا فى كونه حراما والمعنى فيه متعارضا فإنه دائر بين الهدية المحصنة وبين الرشوة المبذوله فى مقابلة جاه فى غرض معين وإذا تعارضت المشابهة القياسية وعضدت الأخبار والآثار أحمدهما تعين الميل إليه وقد دلت الأخبار على تشديد الأمر فى ذلك قال Aيأتى على الناس زمان يستحل فيه السحت بالهدية والقتل بالموعظة يقتل البرىء لتوعظ به العامة // حديث يأتي على الناس زمان يستحل فيه السحت بالهدية والقتل بالموعظة يقتل البرىء ليوعظ به العامة لم أقف له على أصل // وسئل ابن مسعود رضى الله عنه عن السحت فقال يقضى الرجل الحاجة فتهدى له الهدية ولعله أراد قضاء الحاجة بكلمة لا تعب فيها أو تبرع بها لا على قصد أجرة فلا يجوز أن يأخذ بعده شيئا في معرض العوض شفع مسروق شفاعة فأهدى إليه المشفوع له جارية فغضب وردها وقال لو علمت ما في قلبك لما تكلمت في حاجتك ولا أتكلم فيما بقي منها وسئل طاوس عن هدايا السلطان فقال سحت وأخذ عمر Bه ربح مال القراض الذي أخذه ولداه من بيت المال وقال إنما أعطيتما لمكانكما مني إذ علم أنهما أعطيا لأجل جاه الولاية وأهدت امرأة أبي عبيدة بن الجراح إلى خاتون ملكة الروم خلوقا فكافأتها بجوهر فأخذه عمر Bه فباعه وأعطاها ثمن خلوقها ورد باقيه إلى بيت مال المسلمين وقال جابر وأبو هريرة Bهما هدايا الملوك غلول ولما رد عمر بن عبدالعزيز الهدية قيل له كان رسول الله A يقبل الهدية فقال كان ذلك له هدية وهو لنا رشوة // حديث كان رسول الله A يقبل الهدية أخرجه البخاري من حديث عائشة // أي كان يتقرب إليه لنبوته لا لولايته ونحن إنما نعطى للولاية وأعظم من ذلك كله ما روى أبو حميد الساعدي أن رسول الله A بعث واليا على صدقات الأزد فلما جاء إلى رسول الله A أمسك بعض ما معه وقال هذا لكم وهذا لي هدية فقال عليه السلام ألا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم قال مالي أستعمل الرجل منكم فيقول هذا لكم وهذا لي هدية ألا جلس في بيت أمه ليهدى له والذي نفسي بيده لا يأخذ منكم أحد شيئا بغير حقه إلا أتى الله يحمله فلا يأتين أحدكم يوم القيامة ببعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت // حديث أبي حميد الساعدي أن رسول الله A بعث واليا إلى صدقات الأزد فلما جاء قال مالكم وهذا هدية لي الحديث متفق // وإذا ثبتت هذه التشديدات فالقاضي والولي ينبغي أن يقدر نفسه في بيت أمه وأبيه فما كان يعطى بعد العزل وهو في بيت أمه يجوز له أن يأخذه في ولايته وما يعلم أنه إنما يعطاه لولايته فحرام أخذه وما أشكل عليه في هدايا أصدقائه أنهم هل كانوا يعطونه لو كان معزولا فهو شبهة فليجتنبه تم كتاب الحلال والحرام بحمد الله ومنه وحسن توفيقه والله أعلم