حاجتك فقلت إنما أنزلت هذه المنزلة بسيوف المهاجرين و الأنصار وأبناؤهم يموتون جوعا فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم فطأطأ رأسه ثم رفعه فقال ارفع إلينا حاجتك فقلت حج عمر بن الخطاب Bه فقال لخازنه كم أنفقت قال بضعة عشر درهما وأرى ههنا أموالا لا تطيق الجمال حملها وخرج فهكذا كانوا يدخلون على السلاطين إذا ألزموا وكانوا يغررون بأرواحهم للانتقام لله من ظلمهم .
ودخل ابن أبي شميلة على عبد الملك بن مروان فقال له تكلم فقال له إن الناس لا ينجون في القيامة من غصصها ومراراتها ومعاينة الردى فيها إلا من أرضى الله بسخط نفسه فبكى عبد الملك و قال لأجعلن هذه الكلمة مثالا نصب عيني ما عشت .
ولمال استعمل عثمان بن عفان Bه عبد الله بن عامر أتاه أصحاب رسول الله A وأبطأ عنه أبو ذر وكان له صديقا فعاتبه فقال أبو ذر .
سمعت رسول الله A يقول أن الرجل إذا ولى ولايته تباعد الله عنه // حديث أبي ذر أن الرجل إذا ولى ولاية تباعد الله D منه لم أقف له على أصل // .
ودخل مالك بن دينار على أمير البصرة فقال أيها الأمير قرأت في بعض الكتب أن الله تعالى يقول ما أحمق من سلطان وما أجهل ممن عصاني ومن أعز ممن اعتز بي أيها الراعي السوء دفعت إليك غنما سمانا صحاحا فأكلت اللحم ولبست الصوف وتركها عظاما تتقعقع فقال له والي البصرة أندري ما الذي يجرئك علينا ويجنبنا عنك قال لا قال قلة الطمع فينا وترك الإمساك لما في أيدينا .
وكان عمر بن عبد العزيز واقفا مع سليمان ابن عبد الملك فسمع سليمان صوت الرعد فجزع ووضع صدره على مقدمة لرحل فقال له عمر هذا صوت رحمته فكيف إذا سمعت صوت عذابه ثم نظر سليمان إلى الناس فقال ما أكثر الناس فقال عمر خصماؤك يا أمير المؤمنين فقال له سليمان ابتلاك الله بهم .
وحكى أن سليمان بن عبد الملك قدم المدينة وهو يريد مكة فأرسل إلى أبي حازم فدعاه فلما دخل عليه قال له سليمان يا أبا حازم ما لنا نكره الموت فقال لأنكم خربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب فقال يا أبا حازم كيف القدوم على الله قال يا أمير المؤمنين أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان و قال ليت شعري ما لي عند الله قال أبو حازم اعرض نفسك على كتاب الله تعالى حيث قال إن الأبرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم قال فأين رحمة الله قال قريب من المحسنين ثم قال سليمان يا أبا حازم أي عباد الله أكرم قال أهل البر و التقوى قال فأي الأعمال أفضل قال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال فأي الكلام أسمع قال قول الحق عند من تخاف وترجوا قال فأي المؤمنين أكيس قال رجل عمل بطاعة الله ودعا الناس إليها قال فأي المؤمنين أخسر قال رجل خطا في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره قال سليمان ما تقول فيما نحن فيه قال أو تعفيني قال لا بد فإنها نصيحة تلقيها إلي قال يا أمير المؤمنين إن آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة من غير مشورة من المسلمين ولا رضا منهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة وقد ارتحلوا فلو شعرت مما قالوا وما قيل لهم فقال له رجل من جلسائه بئسما قلت قال أبو حازم إن الله قد أخذ الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه .
قال وكيف لنا أن نصلح هذا الفساد قال أن تأخذه من حله فتضعه في حقه فقال سليمان ومن يقدر على ذلك فقال من يطلب الجنة و يخاف من النار .
فقال سليمان ادع لي .
فقال أبو حازم اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخيري الدنيا و الآخرة وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى فقال سليمان أوصنى فقال أوصيك وأوجز عظم ربك ونزهه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك .
وقال عمر