عليه السلام واحدة قال الله تعالى اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا وكم زاهد جاهل يوحش القلوب في التفتيش ويتكلم الكلام الخشن المؤذى وإنما يحسن الشيطان ذلك عنده طلبا للشهرة بأكل الحلال ولو كان باعثه محض الدين لكان خوفه على قلب مسلم أن يتأذى أشد من خوفه على بطنه أن يدخله ما لا يدرى وهو غير مؤاخذ بما لا يدري إذ لم يكن ثم علامة توجب الاجتناب فليعلم أن طريق الورع الترك دون التجسس وإذا لم يكن بد من الأكل فالورع الأكل وإحسان الظن .
هذا هو المألوف من الصحابة Bهم ومن زاد عليهم في الورع فهو ضال مبتدع وليس بمتبع فلن يبلغ أحد مد أحدهم ولا نصيفه ولو انفق ما في الأرض جميعا كيف وقد أكل رسول الله A طعام بريرة فقيل : إنه صدقة فقال : هو لها صدقة ولنا هدية // حديث أكله طعام بريرة فقيل إنها صدقة فقال هو لها صدقة ولنا هدية متفق عليه من حديث أنس // .
ولم يسأل على المتصدق عليها فكان مجهولا عنده ولم يمتنع .
الحالةالثانية أن يكون مشكوكا فيه بسبب دلالة أورثت ريبة فلنذكر صورة ريبة ثم حكمها .
أما الخلقة فبأن يكون على خلقة الأتراك والبوادي والمعروفين بالظلم وقطع الطريق وأن يكون طويل الشارب وأن يكون الشعر مفرقا على رأسه على دأب أهل الفساد .
وأما الثياب : فالقباء والقلنسوة وزي أهل الظلم والفساد من الأجناد وغيرهم .
وأما الفعل والقول : فهو أن يشاهد منه الإقدام على ما لا يحل فإن ذلك يدل على أنه يتساهل أيضا في المال ويأخذ ما لا يحل فهذه مواضع الريبة .
فإذا أراد أن يشتري من مثل هذا شيئا ويأخذ منه هدية أو يجيبه إلى ضيافة وهو غريب مجهول عنده لم يظهر له منه الا هذه العلامات فيحتمل أن يقال إن اليد تدل على الملك وهذه الدلالات ضعيفة فالإقدام جائز والترك من الورع .
ويحتمل أن يقال إن اليد دلالة ضعيفة وقد قابلها مثل هذه الدلالة فأورثت ريبة فالهجوم غير جائز وهو الذي نختاره ونفتي به لقوله A دع ما يريبك إلى ما لا يريبك // حديث دع ما يريبك تقدم في البابين قبله // .
فظاهره أمر وإن كان يحتمل الاستحباب لقوله A الإثم حزاز القلوب // حديث الإثم حزاز القلوب تقدم في العلم // .
وهذا له وقع في القلب لا ينكر ولأن النبي A سأل : أصدقة هو أهدية وسأل أبو بكر Bه غلامه .
وسأل عمر Bه .
وكل ذلك كان في موضع الريبة وحمله على الورع وإن كان ممكنا ولكن لا يحمل عليه إلا بقياس حكمى والقياس ليس يشهد بتحليل هذا فإن دلالة اليد والإسلام وقد عارضتها هذه الدلالات أورثت ريبة فإذا تقابلا فالاستحلال لا مستند له .
وإنما لا يترك حكم اليد والاستصحاب بشك لا يستند إلى علامة كما إذا وجدنا الماء متغيرا واحتمل أن يكون بطول المكث فإن راينا ظبية بالت فيه ثم احتمل أن التغيير به تركنا الاستصحاب وهذا قريب منه .
ولكن بين هذه الدلالات تفاوت فإن طول الشوارب ولبس القباء وهيئة الأجناد يدل على الظلم بالمال .
أما القول والفعل المخالفان للشرع إن تعلقا بظلم المال فهو أيضا دليل ظاهر كما لو سمعه يأمر بالغصب والظلم أو يعقد عقد الربا .
فأما إذا رآه قد شتم غيره في غضبه أو اتبع نظره امرأة مرت به فهذه الدلالة ضعيفة فكم من إنسان يتحرج في طلب المال ولا يكتسب الا الحلال ومع ذلك فلا يملك نفسه عند هيجان الغضب والشهوة فليتنبه لهذا التفاوت ولا يمكن أن يضبط هذا بحد فليستفت العبد في مثل ذلك قلبه .
وأقول إن هذا إن رآه من مجهول فله حكم وإن رآه ممن عرفه بالورع في الطهارة والصلاة وقراءة القرآن فله حكم آخر إذ تعارضت