الخامس أن لا يكون شديد الحرص على السوق والتجارة وذلك بأن يكون أول داخل وآخر خارج وبأن يركب البحر في التجارة فهما مكروهان يقال إن من ركب البحر فقد استقصى في طلب الرزق .
وفي الخبر لا يركب البحر إلا لحج أو عمرة أو غزو // حديث لا تركب البحر إلا لحجة أو عمرة أو غزو أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو وقيل إنه منقطع // .
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص Bهما يقول لا تكن أول داخل في السوق ولا آخر خارج منها فإن بها باض الشيطان وفرخ .
روي عن معاذ بن جبل وعبد الله بن عمر أن إبليس يقول لولده زلنبور سر بكتائبك فأت أصحاب الأسواق زين لهم الكذب والحلف والخديعة والمكر والخيانة وكن مع أول داخل وآخر خارج منها .
وفي الخبر شر البقاع الأسواق وشر أهلها أولهم دخولا وآخرهم خروجا // حديث شر البقاع الأسواق وشر أهلها أولهم دخولا وآخرهم خروجا تقدم صدر الحديث في الباب السادس من العلم وروى أبو نعيم في كتاب حرمة المساجد من حديث ابن عباس أبغض البقاع إلى الله الأسواق وأبغض أهلها إلى الله أولهم دخولا وآخرهم خروجا // .
وتمام هذا الاحتراز أن يراقب وقت كفايته فإذا حصل كفاية وقته انصرف واشتغل بتجارة الآخرة هكذا كان صالحو السلف فقد كان منهم من إذا ربح دانقا انصرف قناعة به .
وكان حماد بن سلمة يبيع الخز في سفط بين يديه فكان إذا ربح حبتين رفع سفطه وانصرف .
وقال إبراهيم بن بشار قلت لإبراهيم بن أدهم C أمر اليوم أعمل في الطين فقال يا ابن بشار إنك طالب ومطلوب يطلبك من لا تفوته وتطلب ما قد كفيته أما رأيت حريصا محروما وضعيفا مرزوقا فقلت إن لي دانقا عند البقال فقال عز على بك تملك دانقا وتطلب العمل وقد كان فيهم من ينصرف بعد الظهر ومنهم بعد العصر ومنهم من لا يعمل في الأسبوع إلا يوما أو يومين وكانوا يكتفون به .
السادس أن لا يقتصر على اجتناب الحرام بل يتقي مواقع الشبهات ومظان الريب ولا ينظر إلى الفتاوي بل يستفتي قلبه فإذا وجد فيه حزازة اجتنبه وإذا حمل إليه سلعة رابه أمرها سأل عنها حتى يعرف وإلا أكل الشبهة وقد حمل إلى رسول الله A لبن فقال من أين لكم هذا فقالوا من الشاة فقال ومن أين لكم هذه الشاة فقيل من موضع كذا فشرب منه ثم قال إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن لا نأكل إلا طيبا ولا نعمل إلا صالحا // حديث سؤاله عن اللبن والشاة وقوله إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن لا نأكل إلا طيبا ولا نعمل إلا صالحا رواه الطبراني من حديث أم عبد الله أخت شداد بن أوس بسند ضعيف // .
وقال إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم // حديث إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين الحديث // أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة // .
فسأل النبي A عن أصل الشيء وأصل أصله ولم يزد لأن ما وراء ذلك يتعذر .
وسنبين في كتاب الحلال والحرام موضع وجوب هذا السؤال فإنه كان A لا يسأل عن كل ما يحمل إليه // حديث كان لا يسأل عن كل ما يحمل إليه رواه أحمد من حديث جابر أن رسول الله A وأصحابه مروا بامرأة فذبحت لهم شاةالحديث فأخذ رسول الله A لقمة فلم يستطع أن يسيغها فقال هذه شاة ذبحت بغير إذن أهلهاالحديث وله من حديث أبي هريرة كان إذا أتى بطعام من غير أهله سأل عنهالحديث وإسنادهما جيد وفي هذا أنه كان لا يسأل عما أتي به من عند أهله والله أعلم // .
وإنما الواجب أن ينظر التاجر إلى من يعامله فكل منسوب إلى ظلم أو خيانة أو سرقة أو ربا فلا يعامله وكذا الأجناد والظلمة لا يعاملهم ألبتة ولا يعامل أصحابهم وأعوانهم لأنه معين بذلك على الظلم .
وحكي عن رجل أنه تولى عمارة سور لثغر من الثغور .
قال فوقع في نفسي من ذلك شيء وإن كان ذلك العمل من الخيرات بل من فرائض الإسلام ولكن كان الأمير الذي تولى في محلته من الظلمة .
قال فسألت سفيان رضي الله