عنها كان النبي A ينام جنبا لم يمس ماء // حديث عائشة كان ينام جنبا لم يمس ماء رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال يزيد بن هارون إنه وهم ونقل البيهقي عن الحافظ الطعن فيه قال وهو صحيح من جهة الرواية // .
ومهما عاد إلى فراشه فليمسح وجه فراشه أو لينفضه فإنه لا يدري ما حدث عليه بعده ولا ينبغي أن يحلق أو يقلم أو يستحد أو يخرج الدم أو يبين من نفسه جزءا وهو جنب إذ ترد إليه سائر أجزائه في الآخرة فيعود جنبا ويقال إن كل شعرة تطالبه بجنابتها ومن الآداب أن لا يعزل بل لا يسرح إلا إلى محل الحرث وهو الرحم فما من نسمة قدر الله كونها إلا وهي كائنة // حديث ما من نسمة قدر الله كونها إلا وهي كائنة متفق عليه من حديث أبي سعيد // .
هكذا قال رسول الله A فإن عزل فقد اختلف العلماء في إباحته وكراهته على أربع مذاهب فمن مبيح مطلقا بكل حال ومن محرم بكل حال ومن قائل يحل برضاها ولا يحل دون رضاها وكأن هذا القائل يحرم الإيذاء دون العزل ومن قائل يباح في المملوكة دون الحرة .
والصحيح عندنا أن ذلك مباح واما الكراهية فإنها تطلق لنهي التحريم ولنهي التنزيه ولترك الفضيلة فهو مكروه بالمعنى الثالث أي فيه ترك فضيلة كما يقال يكره للقاعد في المسجد أن يقعد فارغا لا يشتغل بذكر أو صلاة ويكره للحاضر في مكة مقيما بها أن لا يحج كل سنة والمراد بهذه الكراهية ترك الأولى والفضيلة فقط وهذا ثابت لما بيناه من الفضيلة في الولد ولما روي عن النبي A إن الرجل ليجامع أهله فيكتب له بجماعه أجر ولد ذكر قاتل في سبيل الله فقتل // حديث إن الرجل ليجامع أهله فيكتب له من جماعة أجر ولد ذكر يقاتل في سبيل الله لم أجد له أصلا // .
وإنما قال ذلك لأنه لو ولد له مثل هذا الولد لكان له أجر التسبب إليه مع أن الله تعالى خالقه ومحييه ومقويه على الجهاد والذي إليه من التسبب فقد فعله وهو الوقاع وذلك عند الإمناء في الرحم .
وإنما قلنا لا كراهة بمعنى التحريم والتنزيه لأن إثبات النهي إنما يمكن بنص أو قياس على منصوص ولا نص ولا أصل يقاس عليه بل ههنا أصل يقاس عليه وهو ترك النكاح أصلا أو ترك الجماع بعد النكاح أو ترك الإنزال بعد الإيلاج فكل ذلك ترك للأفضل وليس بارتكاب نهي ولا فرق إذ الولد يتكون بوقوع النطفة في الرحم ولها أربعة أسباب النكاح ثم الوقاع ثم الصبر إلى الإنزال بعد الجماع ثم الوقوف لينصب المنى في الرحم وبعض هذه الأسباب أقرب من بعض فالامتناع عن الرابع كالامتناع عن الثالث وكذا الثالث كالثاني والثاني كالأول وليس هذا كالإجهاض والوأد لأن ذلك جناية على موجود حاصل وله أيضا مراتب وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة وإفساد ذلك جناية فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشا ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حيا .
وإنما قلنا مبدأ سبب الوجود من حيث وقوع المنى في الرحم لا من حيث الخروج من الإحليل لأن الولد لا يخلق من منى الرجل وحده بل من الزوجين جميعا إما من مائه ومائها أو من مائه ودم الحيض قال بعض أهل التشريح إن المضغة تخلق بتقدير الله من دم الحيض وإن الدم منها كاللبن من الرائب وإن النطفة من الرجل شرط في خثور دم الحيض وانعقاده كالأنفحة للبن إذ بها ينعقد الرائب وكيفما كان فماء المرأة ركن في الانعقاد فيجري الماءان مجرى الإيجاب والقبول في الوجود الحكمي في العقود فمن أوجب ثم رجع قبل القبول لا يكون جانيا على العقد بالنقض والفسخ ومهما اجتمع الإيجاب والقبول كان الرجوع بعده رفعا وفسخا وقطعا وكما أن النطفة في الفقار لا يتخلق منها الولد فكذا بعد الخروج من الإحليل ما لم يمتزج بماء المرأة ودمها فهذا هو القياس الجلي