كانوا يقولونه حياء منه فلا ينبغي أن يأكل بل ينبغي أن يتعلل أما إذا كان جائعا فقصد بعض إخوانه ليطعمه ولم يتربص به وقت أكله فلا بأس به .
قصد رسول الله A وأبو بكر وعمر Bهما منزل أبي الهيثم بن التيهان وأبي أيوب الأنصاري لأجل طعام يأكلونه وكانوا جياعا // حديث قصد رسول الله A وأبو بكر وعمر Bهما منزل أبو الهيثم بن التيهان وأبي أيوب الأنصاري لأجل طعام يأكلونه أما قصة أبي الهيثم فرواها الترمذي من حديث أبي هريرة وقال حسن غريب صحيح والقصة عند مسلم لكن ليس فيها ذكر لأبي الهيثم وإنما قال رجل من الأنصار وأما حديث قصدهم منزل أبي أيوب فرواها الطبراني في المعجم الصغير من حديث ابن عباس بسند ضعيف // .
والدخول على مثل هذه الحالة إعانة لذلك المسلم على حيازة ثواب الإطعام وهي عادة السلف .
وكان عون بن عبد الله المسعودي له ثلاثمائة وستون صديقا يدور عليهم في السنة .
ولآخر ثلاثون يدور عليهم في الشهر .
ولآخرة سبعة يدور عليهم في الجمعة .
فكان إخوانهم معلومهم بدلا عن كسبهم وكان قيام أولئك بهم على قصد التبرك عبادة لهم فإن دخل ولم يجد صاحب الدار وكان واثقا بصداقته عالما بفرحه إذا أكل من طعامه فله أن يأكل بغير إذنه إذ المراد من الإذن الرضا لا سيما في الأطعمة وأمرها على السعة .
فرب رجل يصرح بالإذن ويحلف وهو غير راض فأكل طعامه مكروه .
ورب غائب لم يأذن وأكل طعامه محبوب .
وقد قال تعالى أو صديقكم ودخل رسول الله A دار بريرة وأكل طعامها وهي غائبة وكان الطعام من الصدقة فقال بلغت الصدقة محلها // حديث دخل رسول الله A دار بريرة وأكل طعامها وهي غائبة وكان من الصدقة فقال بلغت الصدقة مكانها متفق عليه من حديث عائشة أهدى لبريرة لحم فقال النبي A هو لها صدقة ولنا هدية وأما قوله بلغت محلها فقاله في الشاة التي أعطيتها نسيبة من الصدقة وهو متفق عليه أيضا من حديث أم عطية // .
وذلك لعلمه بسرورها بذلك .
لذلك يجوز أن يدخل الدار بغير استئذان اكتفاء بعلمه بالإذن فإن لم يعلم فلا بد من الاستئذان أولا ثم الدخول .
وكان محمد بن واسع وأصحابه يدخلون منزل الحسن فيأكلون ما يجدون بغير إذن .
وكان الحسن يدخل ويرى ذلك فيسر به ويقول هكذا كنا .
وروى عن الحسن Bه أنه كان قائما يأكل من متاع بقال في السوق يأخذ من هذه الجونة تينة ومن هذه قسبة فقال له هشام ما بدا لك يا أبا سعيد في الورع تأكل متاع الرجل بغير إذنه فقال .
يا لكع اتل علي آية الأكل فتلا إلى قوله تعالى أو صديقكم فقال .
فمن الصديق يا أبا سعيد قال من استروحت إليه النفس واطمأن إليه القلب .
ومشى قوم إلى منزل سفيان الثوري فلم يجدوه ففتحوا الباب وأنزلوا السفرة وجعلوا يأكلون فدخل الثوري وجعل يقول ذكرتموني أخلاق السلف هكذا كانوا * * .
وزار قوم بعض التابعين ولم يكن عنده ما يقدمه إليهم فذهب إلى منزل بعض إخوانه فلم يصادفه في المنزل فدخل فنظر إلى قدر قد طبخها وإلى خبز قد خبزه وغير ذلك فحمله كله فقدمه إلى أصحابه وقال .
كلوا فجاء رب المنزل فلم ير شيئا فقيل له .
قد أخذ فلان فقال قد أحسن فلما لقيه قال يا أخي إن عادوا فعد .
فهذه آداب الدخول .
وأما آداب التقديم فترك التكلف أولا وتقديم ما حضر فإن لم يحضره شيء ولم يملك فلا يستقرض لأجل ذلك فيشوش على نفسه .
وإن حضره ما هو محتاج إليه لقوته ولم تسمح نفسه بالتقديم فلا ينبغي أن يقدم .
دخل بعضهم على زاهد وهو يأكل فقال لولا أني أخذته بدين لأطعمتك منه وقال بعض السلف في تفسير التكلف .
أن تطعم أخاك مالا تأكله أنت بل تقصد زيادة عليه في الجودة والقيمة .
وكان الفضيل يقول إنما تقاطع الناس بالتكلف يدعو أحدهم أخاه فيتكلف له فيقطعه عن الرجوع إليه .
وقال بعضهم .
ما أبالي بمن أتاني من إخواني فإني لا أتكلف له إنما أقرب ما عندي ولو تكلفت له لكرهت مجيئه ومللته وقال بعضهم كنت أدخل على أخ لي فيتكلف لي فقلت له إنك لا تأكل وحدك هذا ولا أنا فما بالنا إذا اجتمعنا أكلناه فإما أن تقطع هذا التكلف أو أقطع المجيء فقطع