الباب الأول فيما لابد للمنفرد منه .
وهو ثلاثة أقسام قسم قبل الأكل وقسم مع الأكل وقسم بعد الفراغ منه القسم الأول في الآداب التي تتقدم على الأكل وهي .
الأول أن يكون الطعام بعد كونه حلالا في نفسه طيبا في جهة مكسبه موافقا للسنة والورع لم يكتسب بسبب مكروه في الشرع ولا بحكم هوى ومداهنة في دين على ما سيأتي في معنى الطيب المطلق في كتاب الحلال والحرام وقد أمر الله تعالى بأكل الطيب وهو الحلال وقدم النهي عن الأكل بالباطل على القتل تفخيما لأمر الحرام وتعظيما لبركة الحلال فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلى قوله ولا تقتلوا أنفسكم الآية فالأصل في الطعام كونه طيبا وهو من الفرائض وأصول الدين .
الثاني غسل اليد قال Aالوضوء قبل الطعام ينفى الفقر وبعده ينفى اللمم // حديث الوضوء قبل الطعام ينفى الفقر وبعده ينفى اللمم وفي رواية ينفى الفقر قبل الطعام وبعده أخرجه القضاعي في مسند الشهاب من رواية موسى الرضا عن آبائه متصلا باللفظ الأول وللطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس الوضوء قبل الطعام وبعده مما ينفى الفقر ولأبي داود والترمذي من حديث سلمان بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده وكلها ضعيفة // .
وفي رواية ينفى الفقر قبل الطعام وبعده ولأن اليد لا تخلو عن لوث في تعاطي الأعمال فغسلها أقرب إلى النظافة والنزاهة .
ولأن الأكل لقصد الاستعانة على الدين عبادة فهو جدير بأن يقدم عليه ما يجري منه مجرى الطهارة من الصلاة .
الثالث أن يوضع الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض فهو أقرب إلى فعل رسول الله A من رفعه على المائدة كان رسول الله A إذا أتى بطعام وضعه على الأرض // حديث كان إذا أتى بطعام وضعه على الأرض أخرجه أحمد في كتاب الزهد من رواية الحسن مرسلا ورواه البزار من حديث أبي هريرة نحوه وفيه جماعة وثقة أحمد وضعفه الدارقطني .
فهذا أقرب إلى التواضع فإن لم يكن فعلى السفرة فإنها تذكر السفر ويتذكر من السفر سفر الآخرة وحاجته إلى زاد التقوى .
وقال أنس بن مالك C ما أكل رسول الله A على خوان ولا في سكرجة // حديث أنس ما أكل رسول الله A على خوان ولا في سكرجة الحديث رواه البخاري // .
قيل فعلى ماذا كنتم تأكلون قال على السفرة وقيل أربع أحدثت بعد رسول الله A الموائد والمناخل والأشنان والشبع واعلم أنا وإن قلنا الأكل على السفرة أولى فلسنا نقول الأكل على المائدة منهي عنه نهي كراهة أو تحريم إذا لم يثبت فيه نهي .
وما يقال إنه أبدع بعد رسول الله A فليس كل ما أبدع منهيا بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة وترفع أمرا من الشرع مع بقاء علته بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب وليس في المائدة إلا رفع الطعام عن الأرض لتيسير الأكل وأمثال ذلك مما لا كراهة فيه .
والأربع التي جمعت في أنها مبدعة ليست متساوية بل الأشنان حسن لما فيه من النظافة فإن الغسل مستحب للنظافة والأشنان أتم في التنظيف وكانوا لا يستعملونه لأنه ربما كان لا يعتاد عندهم أو لا يتيسر أو كانوا مشغولين بأمور أهم من المبالغة في النظافة فقد كانوا لا يغسلون اليد أيضا وكانت مناديلهم أخمص أقدامهم وذلك لا يمنع كون الغسل