إن العبد ليفتتح سورة فتصلي عليه الملائكة حتى يفرغ منها وإن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها فقيل له وكيف ذلك فقال إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته .
وقال بعض العلماء إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم نفسه ألا لعنة الله على الكاذبين وهو منهم .
وقال الحسن إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله وإن من كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار .
وقال ابن مسعود أنزل القرآن عليهم ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملا إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به .
وفي حديث ابن عمر وحديث جندب Bهما لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد A فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها .
ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل // حديث ابن عمر وحديث جندب لقد عشنا دهرا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن الحديث تقدما في العلم // وقد ورد في التوراة يا عبدي أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك شيء منه وهذا كتابي أنزلته إليك انظر كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت عليك فيه لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك .
الباب الثاني في ظاهر آداب التلاوة وهي عشرة الأول في حال .
القارىء وهو أن يكون على الوضوء واقعا على هيئة الأدب والسكون إما قائما وإما جالسا مستقبل القبلة مطرقا رأسه غير متربع ولا متكىء ولا جالس على هيئة التكبر ويكون جلوسه وحده كجلوسه بين يدي أستاذه .
وأفضل الأحوال أن يقرأ في الصلاة قائما وأن يكون في المسجد فذلك من أفضل الأعمال .
فإن قرأ على غير وضوء وكان مضطجعا في الفراش فله أيضا فضل ولكنه دون ذلك قال الله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض فأثنى على الكل ولكن قدم القيام في الذكر ثم القعود ثم الذكر مضطجعا .
قال علي Bه من قرأ القرآن وهو قائم في الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأه وهو جالس في الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأه في غير صلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأه على غير وضوء فعشر حسنات .
وما كان من القيام بالليل فهو أفضل لأنه أفرغ للقلب قال أبو ذر الغفاري Bه إن كثرة السجود بالنهار وإن طول القيام بالليل أفضل .
الثاني في مقدار القرآن وللقراء عادات مختلفة في الاستكثار والاختصار فمنهم من يختم القرآن في اليوم والليلة مرة وبعضهم مرتين وانتهى بعضهم إلى ثلاث ومنهم من يختم في الشهر مرة وأولى ما يرجع إليه في التقديرات قول رسول الله A من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه // حديث من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه أخرجه أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الترمذي // وذلك لأن الزيادة عليه تمنعه الترتيل وقد قالت عائشة