والجدال كما نطق به القرآن .
والرفث اسم جامع لكل لغو وخنى وفحش من الكلام ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن والتحدث بشأن الجماع ومقدماته فإن ذلك يهيج داعية الجماع المحظور والداعي إلى المحظور محظور .
والفسق اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله D .
والجدال هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن ويفرق في الحال الهمة ويناقض حسن الخلق وقد قال سفيان من رفث فسد حجه .
وقد جعل رسول الله A طيب الكلام مع إطعام الطعام من بر الحج .
والمماراة تناقض طيب الكلام فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه وجماله وعلى غيره من أصحابه بل يلين جانبه ويخفض جناحه للسائرين إلى بيت الله D ويلزم حسن الخلق وليس حسن الخلق كف الأذى بل احتمال الأذى وقيل سمى السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ولذلك قال عمر Bه لمن زعم أنه يعرف رجلا هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق قال لا فقال ما أراك تعرفه .
الخامس أن يحج ماشيا إن قدر عليه فذلك الأفضل أوصى عبد الله بن عباس Bهما بنيه عند موته فقال يا بني حجوا مشاة فإن للحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال الحسنة بمائة ألف والاستحباب في المشي في المناسك والتردد من مكة إلى الموقف وإلى منى آكد منه في الطريق .
وإن أضاف إلى المشي الإحرام من دويرة أهله فقد قيل إن ذلك من إتمام الحج قاله عمر وعلي وابن مسعود Bهم في معنى قوله D وإتموا الحج والعمرة لله وقال بعض العلماء الركوب أفضل لما فيه من الإنفاق والمؤنة ولأنه أبعد عن ضجر النفس وأقل لأذاه وأقرب إلى سلامته وتمام حجه .
وهذا عند التحقيق ليس مخالفا للأول بل ينبغي أن يفصل ويقال من سهل عليه المشي فهو أفضل فإن كان يضعف ويؤدى به ذلك إلى سوء الخلق وقصور عن عمل فالركوب له أفضل كما أن الصوم للمسافر أفضل وللمريض ما لم يفض إلى ضعف وسوء خلق .
وسئل بعض العلماء عن العمرة أيمشي فيها أو يكتري حمارا بدرهم فقال إن كان وزن الدرهم أشد عليه فالكراء أفضل من المشي وإن كان المشي أشد عليه كالأغنياء فالمشي له أفضل فكأنه ذهب فيه إلى طريق مجاهدة النفس وله وجه .
ولكن الأفضل له أن يمشي ويصرف ذلك الدرهم إلى خير فهو أولى من صرفه إلى المكاري عوضا عن ابتذال الدابة فإذا كانت لا تتسع نفسه للجمع بين مشقة النفس ونقصان المال فما ذكره غير بعيد فيه .
السادس أن لا يركب إلا زاملة أما المحمل فليجتنبه إلا إذا كان يخاف على الزاملة أن لا يستمسك عليها لعذر وفيه معنيان أحدهما التخفيف على البعير فإن المحمل يؤذيه .
والثاني اجتنات زي المترفين المتكبرين حج رسول الله A على راحلة وكان تحته رحل رث وقطيفة خلقة قيمتها أربعة دراهم // حديث حج رسول الله A على راحلته وكان تحته رجل رث وقطيفة خلقة قيمتها أربعة دراهم أخرجه الترمذي في الشمائل وابن ماجه من حديث أنس بسند ضعيف // وطاف على الراحلة لينظر الناس إلى هديه وشمائله // حديث طوافه A على راحلته تقدم // وقال A خذوا عني مناسككم // حديث خذوا عني مناسككم أخرجه مسلم والنسائي واللفظ له من حديث جابر // وقيل إن هذه المحامل أحدثها الحجاج وكان العلماء في وقته ينكرونها فروى سفيان الثوري عن أبيه أنه قال برزت من الكوفة إلى القادسية للحج ووافيت الرفاق من البلدان فرأيت الحاج كلهم على زوامل وجوالقات ورواحل وما رأيت في جميعهم إلا محملين .
وكان ابن عمر إذا نظر إلى ما أحدث الحجاج من الزي والمحامل يقول الحاج قليل والركب كثير ثم نظر إلى رجل مسكين رث الهيئة تحته جوالق فقال هذا نعم من الحجاج