امتثال أمر غيره وتعظيمه كتعظيم غيره في حق القصد .
ومن دخل عليه عالم فقام له فلو قال نويت أن أنتصب قائما تعظيما لدخول زيد الفاضل لأجل فضله مقبلا عليه بوجهي كان سفها في عقله بل كما يراه ويعلم فضله تنبعث داعية التعظيم فتقيمه ويكون معظما إلا إذا قام لشغل آخر أو في غفلة .
واشتراط كون الصلاة ظهرا أداء فرضا في كونه امتثالا كاشتراط كون القيام مقرونا بالدخول مع الإقبال بالوجه على الداخل وانتفاء باعث آخر سواه .
وقصد التعظيم به ليكون تعظيما .
فإنه لو قام مدبرا عنه أو صبر فقام بعد ذلك بمدة لم يكن معظما .
ثم هذه الصفات لا بد وأن تكون معلومة وأن تكون مقصودة ثم لا يطول حضورها في النفس في لحظة واحدة وإنما يطول نظم الألفاظ الدالة عليها إما تلفظا باللسان وإما تفكرا بالقلب .
فمن لم يفهم نية الصلاة على هذا الوجه فكأنه لم يفهم النية .
فليس فيه إلا أنك دعيت إلى أن تصلي في وقت فأجبت وقمت فالوسوسة محض الجهل .
فإن هذه القصود وهذه العلوم تجتمع في النفس في حالة واحدة ولا تكون مفصلة الآحاد في الذهن بحيث تطالعها النفس وتتأملها .
وفرق بين حضور الشيء في النفس وبين تفصيله بالفكر .
والحضور مضاد للعزوب والغفلة وإن لم يكن مفصلا .
فإن من علم الحادث مثلا فيعلمه بعلم واحد في حالة واحدة وهذا العلم يتضمن علوما هي حاضرة وإن لم تكن مفصلة فإن من علم الحادث فقد علم الموجود والمعدوم والتقدم والتأخر والزمان وأن التقدم للعدم وأن التأخر للوجود فهذه العلوم منطوية تحت العلم بالحادث بدليل أن العالم بالحادث إذا لم يعلم غيره لو قيل له هل علمت التقدم فقط أو التأخر أو العدم أو تقدم العدم أو تأخر الوجود أو الزمان المنقسم إلى المتقدم والمتأخر فقال ما عرفته قط كان كاذبا وكان قوله مناقضا لقوله إني أعلم الحادث .
ومن الجهل بهذه الدقيقة يثور الوسواس فإن الموسوس يكلف نفسه أن يحضر في قلبه الظهرية والأدائية والفرضية في حالة واحدة مفصلة بألفاظها وهو يطالعها وذلك محال .
ولو كلف نفسه ذلك في القيام لأجل العالم لتعذر عليه .
فبهذه المعرفة يندفع الوسواس وهو أن امتثال أمر الله سبحانه في النية كامتثال أمر غيره ثم أزيد على سبيل التسهيل والترخص .
وأقول لو لم يفهم الموسوس النية إلا بإحضار هذه الأمور مفصلة ولم يمثل في نفسه الامتثال دفعة واحدة وأحضر جملة ذلك في أثناء التكبير من أوله إلى أخره بحيث لا يفرغ من التكبير إلا وقد حصلت النية كفاه ذلك ولا نكلفه أن يقرن الجميع بأول التكبير أو آخره فإن ذلك تكليف شطط .
ولو كان مأمورا به لوقع للأولين سؤال عنه ولوسوس واحد من الصحابة في النية فعدم وقوع ذلك دليل على أن الأمر على التساهل فكيفما تيسرت النية للموسوس ينبغي أن يقنع به حتى يتعود ذلك وتفارقه الوسوسة ولا يطالب نفسه بتحقيق ذلك فإن التحقيق يزيد في الوسوسة .
وقد ذكرنا في الفتاوى وجوها من التحقيق في تحقيق العلوم .
والقصود المتعلقة بالنية تفتقر العلماء إلى معرفتها أما العامة فربما ضرها سماعها ويهيج عليها الوسواس فلذلك تركناها .
مسألة ينبغي أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الركوع والسجود والرفع منهما ولا في سائر الأعمال ولا ينبغي أن يساويه بل يتبعه ويقفو أثره فهذا معنى الاقتداء فإن ساواه عمدا لم تبطل صلاته كما لو وقف بجنيه غير متأخر عنه .
فإن تقدم عليه ففي بطلان صلاته خلاف ولا يبعد أن يقضي بالبطلان تشبيها بما لو تقدم في الموقف على الإمام بل هذا أولى لأن الجماعة اقتداء في الفعل لا في الموقف فالتبعية في الفعل أهم .
وإنما شرط ترك التقدم في الموقف تسهيلا للمتابعة في الفعل وتحصيلا لصورة التبعية إذ اللائق بالمقتدى به أن يتقدم فالتقدم عليه في الفعل لا وجه له إلا أن يكون سهوا .
ولذلك شدد رسول الله A النكير فيه فقال أما يخشى