والتعرض لأعراضهم وتضييق قلوبهم وإساءة الخلق فى معاشرتهم فإن ما بين العبد وبين الله خاصة فالمغفرة إليه أسرع ومن اجتمعت عليه مظالم وقد تاب عنها وعسر عليه استحلال أرباب المظالم فليكثر من حسناته ليوم القصاص ويسر ببعض الحسنات بينه وبين الله بكمال الإخلاص بحيث لا يطلع عليه إلا الله فعساه يقربه ذلك إلى الله تعالى فينال به لطفه الذى ادخره لأحبابه المؤمنين فى دفع مظالم العباد عنهم كما روى عن أنس عن رسول الله A أنه قال بينما رسول الله A جالس إذ رأيناه يضحك حتى بدت ثناياه فقال عمرا ما يضحكك يا رسول الله بأبى أنت وأمى قال رجلان من أمتى جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما يا رب خذلى مظلمتى من أخى فقال الله تعالى أعط أخاك مظلمته قال يا رب لم يبق من حسناته شىء فقال الله تعالى للطالب كيف تصنع ولم يبق من حسناته شىء قال يا رب يتحمل عنى من أوزارى قال وفاضت عينا رسول الله A بالبكاء ثم قال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم قال فقال الله للطالب ارفع رأسك فانظر فى الجنان فرفع رأسه فقال يا رب أرى مدائن من فضة مرتفعة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبى هذا أو لأى صديق هذا أو لأى شهيد هذا قال لمن أعطانى الثمن قال يا رب ومن يملك ثمنه قال أنت تملكه قال وما هو قال عفوك عن أخيك قال يا رب إنى قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال رسول الله A عند ذلك اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله يصلح بين المؤمنين // حديث أنس بينما رسول الله A جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر ما أضحكك يا رسول الله بأبى أنت وأمى قال رجلان من أمتى جثيا بين يدى رب العالمين الحديث بطوله أخرجه ابن أبى الدنيا فى حسن الظن بالله والحاكم فى المستدرك وقد تقدم // وهذا تنبيه على أن ذلك إنما ينال بالتخلق بأخلاق الله وهو إصلاح ذات البين وسائر الأخلاق .
فتفكر الآن فى نفسك إن خلت صحيفتك عن المظالم أو تلطف لك حتى عفا عنك وأيقنت بسعادة الأبد كيف يكون سرورك فى منصرفك من مفصل الفضاء وقد خلع عليك خلعة الرضا وعدت بسعادة ليس بعدها شقاء وبنعيم لا يدور بحواشيه الفناء وعند ذلك طار قلبك سرورا وفرحا وابيض وجهك واستنار وأشرق كما يشرق القمر ليلة البدر فتوهم تبخترك بين الخلائق رافعا رأسك خاليا عن الأوزار ظهرك ونضرة نسيم النعيم وبرد الرضا يتلألأ من جبينك وخلق الأولين والآخرين ينظرون إليك وإلى حالك ويغبطونك فى حسنك وجمالك والملائكة يمشون بين يديك ومن خلفك وينادون على رءوس الأشهاد هذا فلان بن فلان رضى الله عنه وأرضاه وقد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا أفترى أن هذا المنصب ليس بأعظم من المكانة التى تنالها فى قلوب الخلق فى الدنيا بريائك ومداهنتك وتصنعك وتزينك فإن كنت تعلم أنه خير منه بل لانسبة له إليه فتوسل إلى إدراك هذه الرتبة بالإخلاص الصافى والنية الصادقة فى معاملتك مع الله فلن تدرك ذلك إلا به .
وإن تكن الأخرى والعياذ بالله بأن خرج من صحيفتك جريمة كنت تحسبها هينة وهى عند الله عظيمة فمقتك لأجلها فقال عليك لعنتى يا عبد السوء لا أتقبل منك عبادتك فلا تسمع هذا النداء إلا ويسود وجهك ثم تغضب الملائكة لغضب الله تعالى فيقولون وعليك لعنتنا ولعنة الخلائق أجمعين وعند ذلك تنثال إليك الزبانية وقد غضبت لغضب خالقها فأقدمت عليك بفظاظتها وزعارتها وصورها المنكرة فأخذوا بناصيتك يسحبونك على وجهك على ملأ الخلق وهم ينظرون إلى اسوداد وجهك وإلى ظهور خزيك وأنت تنادى بالويل والثبور وهم يقولون لك لا تدع اليوم ثبورا واحدا وادع ثبورا كثيرا وتنادى الملائكة ويقولون هذا فلان بن فلان