وأما الخوف فلهول يوم الجزاء والحساب الذي هو مالكه .
ثم جدد الإخلاص بقولك إياك نعبد وجدد العجز والاحتياج والتبري من الحول والقوة بقولك وإياك نستعين وتحقق أنه ما تيسرت طاعتك إلا بإعانته وأن له المنة إذ وفقك لطاعته واستخدمك لعبادته وجعلك أهلا لمناجاته .
ولو حرمك التوفيق لكنت من المطرودين مع الشيطان اللعين .
ثم إذا فرغت من التعوذ ومن قولك بسم الله الرحمن الرحيم ومن التحميد ومن إظهار الحاجة إلى الإعانة مطلقا فعين سؤالك ولا تطلب إلا أهم حاجاتك وقل إهدنا الصراط المستقيم الذي يسوقنا إلى جوارك ويفضي بنا إلى مرضاتك .
وزده شرحا وتفصيلا وتأكيدا واستشهادا بالذين أفاض عليهم نعمة الهداية من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين دون الذين غضب عليهم من الكفار والزائغين من اليهود والنصارى والصابئين ثم التمس الإجابة وقل آمين فإذا تلوت الفاتحة كذلك فيشبه أن تكون من الذين قال الله تعالى فيهم فيما أخبر عنه النبي A قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل // حديث قسمت الصلاة بيني وبينعبدي نصفين الحديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة // يقول العبد الحمد لله رب العالمين فيقول الله D حمدني عبدي وأثنى علي .
وهو معنى قوله سمع الله لمن حمده الحديث الخ فلو لم يكن لك من صلاتك حظ سوى ذكر الله لك في جلاله وعظمته فناهيك بذلك غنيمة فكيف بما ترجوه من ثوابه وفضله وكذلك ينبغي أن تفهم ما تقرؤه من السور كما سيأتي في كتاب تلاوة القرآن فلا تغفل عن أمره ونهيه ووعده ووعيده ومواعظه وأخبار أنبيائه وذكر مننه وإحسانه .
ولكل واحد حق فالرجاء حق الوعد والخوف حق الوعيد والعزم حق الأمر والنهي والاتعاظ حق الموعظة والشكر حق ذكر المنة والاعتبار حق إخبار الأنبياء .
وروي أن زرارة بن أوفى لما انتهى إلى قوله تعالى فإذا نقر في الناقور خر ميتا وكان إبراهيم النخعي إذا سمع قوله تعالى إذا السماء انشقت اضطرب حتى تضطرب أوصاله .
وقال عبد الله بن واقد رأيت ابن عمر يصلي مغلوبا عليه وحق له أن يحترق قلبه بوعد سيده ووعيده فإنه عبد مذنب ذليل بين يدي جبار قاهر .
وتكون هذه المعاني بحسب درجات الفهم ويكون الفهم بحسب وفور العلم وصفاء القلب .
ودرجات ذلك لا تنحصر .
والصلاة مفتاح القلوب فيها تنكشف أسرار الكلمات فهذا حق القراءة وهو حق الأذكار والتسبيحات أيضا .
ثم يراعى الهيبة في ا لقراءة فيرتل ولا يسرد فإن ذلك أيسر للتأمل .
ويفرق بين نغماته في آية الرحمة والعذاب والوعد والوعيد والتحميد والتعظيم والتمجيد .
كان النخعي إذا مر بمثل قوله D ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله يخفض صوته كالمستحيي عن أن يذكره بكل شيء لا يليق به .
وروي أنه يقال لقارىء القرآن إقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا // حديث يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمر وقال الترمذي حسن صحيح // وأما دوام القيام فإنه تنبيه على إقامة القلب مع الله D على نعت واحد من الحضور قال A إن الله D مقبل على المصلي ما لم يلتفت // إن الله يقبل على المصلي ما لم يلتفت أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وصحح إسناده أبي ذر // وكما تجب حراسة الرأس والعين عن الالتفات إلى الجهات فكذلك تجب حراسة السر عن الالتفات إلى غير الصلاة .
فإذا التفت إلى غيره فذكره باطلاع الله عليه وبقبح التهاون بالمناجي عند غفلة المناجي ليعود إليه .
وألزم لخشوع القلب فإن الخلاص عن الالتفات باطنا وظاهرا ثمرة الخشوع .
ومهما خشع الباطن خشع الظاهر قال A وقد رأى رجلا مصليا يعبث بلحيته أما هذا