لا يغنى مولى عن مولى شيئا ويوم لا تملك نفس لنفس شيئا ويوم يدعون إلى نار جهنم دعا ويوم يسحبون فى النار على وجوههم ويوم تقلب وجوههم فى النار ويوم لا يجزى والد عن ولده ويوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه ويوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون يوم لا مرد له من الله يوم هم بارزون ويوم هم على النار يفتنون يوم لا ينفع مال ولا بنون يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار .
يوم ترد فيه المعاذير وتبلى السرائر وتظهر الضمائر وتكشف الأستار .
يوم تخشع فيه الأبصار وتسكن الأصوات ويقل فيه الالتفات وتبرز الخفيات وتظهر الخطيئات يوم يساق العباد ومعهم الأشهاد ويشيب الصغير ويسكر الكبير فيومئذ وضعت الموازين ونشرت الدواوين وبرزت الجحيم وأغلى الحميم وزفرت النار ويئس الكفار وسعرت النيران وتغيرت الألوان وخرس اللسان ونطقت جوارح الإنسان .
فيا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم حيث أغلقت الأبواب وأرخيت الستور واستترت عن الخلائق فقارفت الفجور فماذا تفعل وقد شهدت عليك جوارحك فالويل كل الويل لنا معشر الغافلين يرسل الله لنا سيد المرسلين وينزل عليه الكتاب المبين ويخبرنا بهذه الصفات من نعوت يوم الدين ثم يعرفنا غفلتنا ويقول اقترب الناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم ثم يعرفنا قرب القيامة فيقول اقتربت الساعة وانشق القمر إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ثم يكون أحسن أحوالنا أن نتخذ دراسة هذا القرآن عملا فلا نتدبر معانيه ولا ننظر فى كثرة أوصاف هذا اليوم وأساميه ولا نستعد للتخلص من دواهيه .
فنعوذ بالله من هذه الغفلة إن لم يداركنا الله بواسع رحمته صفة المساءلة .
ثم تفكر يا مسكين بعد هذه الأحوال فيما يتوجه عليك من السؤال شفاها من غير ترجمان فتسئل عن القليل والكثير والنقير والقطمير فبينا أنت فى كرب القيامة وعرقها وشدة عظائمها إذ نزلت ملائكة من رجاء السماء بأجسام عظام وأشخاص ضخام غلاظ شداد أمروا أن يأخذوا بنواصى المجرمين إلى موقف العرض على الجبار قال رسول الله A إن لله D ملكا ما بين شفرى عينيه مسيرة مائة عام // حديث إن لله D ملكا ما بين شفرى عينيه مسيرة مائة عام لم أره بهذا اللفظ // فما ظنك بنفسك إذا شاهدت مثلا هؤلاء الملائكة أرسلوا إليك ليأخذوك إلى مقام العرض وتراهم على عظم أشخاصهم منكسرين لشدة اليوم مستشعرين مما بدا من غضب الجبار على عباده وعند نزولهم لا يبقى نبى ولا صديق ولا صالح إلا ويخرون لأذقانهم خوفا من أن يكونوا هم المأخوذين فهذا حال المقربين فما ظنك بالعصاة المجرمين وعند ذلك يبادر اقوام من شدة الفزع فيقولون للملائكة أفيكم ربنا وذلك لعظم موكبهم وشدة هيبتهم فتفزع الملائكة من سؤالهم إجلالا لخالقهم عن أن يكون فيهم فنادوا بأصواتهم منزهين لمليكهم عما توهمه أهل الأرض وقالوا سبحان ربنا ما هو فينا ولكنه آت من بعد وعند ذلك تقوم الملائكة صفا محدقين بالخلائق من الجوانب وعلى جميعهم شعار الذل والخضوع وهيئة الخوف والمهابة لشدة اليوم .
وعند ذلك يصدق الله تعالى قوله فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين وقوله فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون فيبدأ سبحانه بالأنبياء يوم يجمع الله الرسل فيقول