ذلك فى صنعته وقدرته فإن كان فى إيمانك ضعف فقو الإيمان بالنظر فى النشأة الأولى فإن الثانية مثلها وأسهل منها وإن كنت قوى الإيمان بها فأشعر قلبك تلك المخاوف والأخطار وأكثر فيها التفكر والاعتبار لتسلب عن قلبك الراحة والقرار فتشتغل بالتشمر للعرض على الجبار وتفكر أولا فيما يقرع سمع سكان القبور من شدة نفخ الصور فإنها صيحة واحدة تنفرج بها القبور عن رءوس الموتى فيثورون دفعة واحدة .
فتوهم نفسك وقد وثبت متغيرا وجهك مغبرا بدنك من فرقك إلى قدمك من تراب قبرك مبهوتا من شدة الصعقة شاخص العين نحو النداء وقد ثار الخلق ثورة واحدة من القبور التى طال فيها بلاؤهم وقد أزعجهم الفزع والرعب مضافا إلى ما كان عندهم من الهموم والغموم وشدة الانتظار لعاقبة الأمر كما قال تعالى ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وقال تعالى فإذا نقر فى الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير وقال تعالى ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فلو لم يكن بين يدي الموتى إلا هول تلك النفخة لكان ذلك جديرا بأن يتقى فإنها نفخة وصيحة يصعق بها من فى السموات والأرض يعنى يموتون بها إلا من شاء الله وهو بعض الملائكة .
ولذلك قال رسول الله A كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى الجبهة وأصغى بالأذن متى يؤمر فينفخ // حديث كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى الجبهة الحديث أخرجه الترمذى من حديث أبى سعيد وقال حسن ورواه ابن ماجه بلفظ إن صاحبى القرن بأيديهما أو فى أيديهما قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران وفى رواية ابن ماجة الحجاج بن أرطاة مختلف فيه // .
قال مقاتل الصور هو القرن وذلك أن إسرافيل عليه السلام واضع فاه على القرن كهيئة البوق ودائرة رأس القرن كعرض السموات والأرض وهو شاخص بصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر فينفخ النفخة الأولى فإذا نفخ صعق من فى السموات والأرض أى مات كل حيوان من شدة الفزع إلا من شاء الله وهو جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت .
ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح جبريل ثم روح ميكائيل ثم روح إسرافيل ثم يأمر ملك الموت فيموت .
ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى فى البرزخ أربعين سنة ثم يحيى الله تعالى إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية فذلك قوله تعالى ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون على أرجلهم ينظرون إلى البعث وقال رسول الله A حين بعث إلى بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فيه وقدم رجلا وأخر أخرى ينتظر متى يؤمر بالنفخ ألا فاتقوا النفخة // حديث حين بعث إلى بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فيه وقدم رجلا وأخر أخرى الحديث لم أجده هكذا بل قد ورد أن إسرافيل من حين ابتداء الخلق وهو كذلك كما رواه البخارى فى التاريخ وأبو الشيخ فى كتاب العظمة من حديث أبى هريرة إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر قال البخارى ولم يصح وفى رواية لأبى الشيخ ما طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان وإسنادها جيد // فتفكر فى الخلائق وذلهم وانكسارهم واستكانتهم عند الانبعاث خوفا من هذه الصعقة وانتظارا لما يقضى عليهم من سعادة أو شقاوة وأنت فيما بينهم منكسر كانكسارهم متحير كتحيرهم .
بل إن كنت فى الدنيا من المترفهين والأغنياء المتنعمين فملوك الأرض فى ذلك اليوم أذل أهل أرض الجمع وأصغرهم وأحقرهم يوطئون بالأقدام مثل الذرة وعند ذلك تقبل الوحوش من البرارى والجبال منكسة رءوسها مختلطة بالخلائق بعد توحشها ذليلة ليوم