انظر وقد خرجوا من بين أطباقها وكأني انظر إلى تلك الوجوه المتعفرة وإلى تلك الأجسام المتغيرة وإلى تلك الأجفان الدسمة فيا لها من نظرة لو أشربها العباد قلوبهم ما أنكل مرارتها للأنفس وأشد تلفها للأبدان بل ينبغي أن يحضر من صورة الميت ما ذكره عمر بن عبد العزيز حيث دخل عليه فقيه فتعجب من تغير صورته لكثرة الجهاد والعبادة فقال له يا فلان لو رأيتني بعد ثلاث وقد أدخلت قبريى وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين وتقلصت الشفتان عن الأسنان وخرج الصديد من الفم وانفتح الفم ونتأ البطن فعلا الصدر وخرج الصلب من الدبر وخرج الدود والصديد من المناخر لرأيت أعجب مما تراه الآن .
ويستحب الثناء على الميت وألا يذكر إلا بالجميل قالت عائشة Bها قال رسول الله A إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه // حديث إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تفعوا فيه أخرجه أبو داود من حديث عائشه // وقال A لا تسبوا الأموات فإنهم قد أمضوا إلى ما قدموا // حديث لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا أخرجه البخاري من حديث عائشة أيضا // وقال A لا تذكروا موتاكم إلا بخير فإنهم إن يكونوا من أهل الجنة تأثموا وإن يكونوا من أهل النار فحسبهم ما هم فيه // حديث لا تذكروا موتاكم إلا بخير الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت هكذا بإسناد ضعيف من حديث عائشة وهو عند النسائي من حديث عائشة باسناد جيد منتصرا هل ما ذكر منه هنا بلفظ هلكاكم وذكر الزيادة صاحب مسند الفردوس وعلم عليه علامة النسائي والطبراني // وقال أنس بن مالك مرت جنازة على رسول الله A فأثنوا عليها شرا فقال عليه السلام وجبت ومروا بأخرى فأثنوا عليها خيرا فقال رسول الله A وجبت فسأله عمر عن ذلك فقال إن هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار وأنتم شهداء الله في الأرض // حديث أنس مرت جنازة على رسول الله A فأثنوا عليها شرا فقال وجبت الحديث متفق عليه // وقال أبو هريرة قال رسول الله A إن العبد ليموت فيثني عليه القوم الثناء يعلم الله منه غيره ليقول الله تعالى لملائكته أشهدكم أني قد قبلت شهادة عبيدي على عبدي وتجاوزت عن علمي في عبدي // حديث أبي هريرة إن العبد ليموت فيثني عليه القوم الثناء يعلم الله منه غير ذلك الحديث أخرجه أحمد من رواية شيخ من أهل البصرة عن أبي هريرة عن النبي A يرويه على ربه D ما من عبد مسلم يموت فيشهد له ثلاث أبيات من جيرانه الأدنين بخير إلا قال الله D قد قبلت شهادة عبادي على ما علموا وغفرت له ما أعلم // .
الباب السابع في حقيقة الموت وما يلقاه الميت في القبر إلى نفخة .
الصور بيان حقيقة الموت .
أعلم أن للناس في حقيقة الموت ظنونا كاذبة قد اخطأوا فيها فظن بعضهم أن الموت هو العدم وأنه لا حشر ولا نشر ولا عاقبة للخير والشر وأن موت الإنسان كموت الحيوانات وجفاف النبات وهذا رأى الملحدين وكل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر وظن قوم أنه ينعدم بالموت ولا يتأم بضار ولا يتنعم بثواب ما دام في القبر إلى أن يعاد في وقت الحشر وقال آخرون إن الروح باقية لا تنعدم بالموت وإنما المثاب والمعاقب هي الأرواح دون الأجساد وإن الأجساد لا تبعث ولا تحشر أصلا وكل هذه ظنون فاسدة ومائلة عن الحق بل الذي تشهد له طرق الاعتبار وتنطق به الآيات والأخبار أن الموت معناه تغير حال فقط وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد إما معذبة وإما منعمة ومعنى مفارقتها للجسد