قال وضئني للصلاة ففعلت فنسيت تخليل لحيته وقد أمسك على لسانه فقبض على يدي وأدخلها في لحيته ثم مات فبكى جعفر وقال ما تقولون في رجل لم يفته في آخر عمره أدب من آداب الشريعة وقيل لبشر بن الحارث لما احتضر وكان يشق عليه كأنك تحب الحياة فقال القدوم على الله شديد .
وقيل لصالح بن مسمار ألا توصي بابنك وعيالك فقال إني لأستحي من الله أن أوصي بهم إلى غيره ولما احتضر أبو سليمان الداراني أتاه أصحابه فقالوا أبشر فإنك تقدم على رب غفور رحيم فقال لهم ألا تقولون احذر فإنك تقدم على رب يحاسبك بالصغير ويعاقبك بالكبير ولما احتضر أبو بكر الواسطي قيل له أوصنا فقال احفظوا مراد الحق فيكم واحتضر بعضهم فبكت امرأته فقال لها ما يبكيك فقالت عليك أبكي فقال إن كنت باكية فابكي على نفسك فلقد بكيت لهذا اليوم أربعين سنة .
وقال الجنيد دخلت على سري السقطي أعوده في مرض موته فقلت كيف تجدك فأنشأ يقول .
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي ... والذي بي أصابني من طبيبي .
فأخذت المروحة لأروحه فقال كيف ريح المروحة يجد من جوفه يحترق ثم أنشأ يقول .
القلب محترق والدمع مستبق ... والكرب مجتمع والصبر مفترق .
كيف القرار على من لا قرار له ... مما جناه الهوى والشوق والقلق .
يا رب إن يك شيء فيه لي فرج ... فامنن على به ما دام بي رمق .
وحكى أن قوما من أصحاب الشبلي دخلوا عليه وهو في الموت فقالوا له قل لا إله إلا الله فأنشأ يقول .
إن بيتا أنت ساكنه ... غير محتاج إلى السرج .
وجهك المأمول حجتنا ... يوم يأتي الناس بالحجج .
لا أتاح الله لي فرجا ... يوم أدعو منك بالفرج .
وحكى أن أبا العباس بن عطاء دخل على الجنيد في وقت نزعه فسلم عليه فلم يجبه ثم أجاب بعد ساعة وقال أعذرني فإني كنت في وردى ثم ولى وجهه إلى القبلة وكبر ومات .
وقيل للكناني لما حضرته الوفاة ما كان عملك فقال لو لم يقرب أجلي ما أخبرتكم به وقفت على باب قلبي أربعين سنة فكلما مر فيه غير الله حجبته عنه .
وحكى عن المعتمر قال كنت فيمن حضر الحكم بن عبد الملك حين جاءه الحق فقلت اللهم هون عليه سكرات الموت فإنه كان وكان فذكرت محاسنه فأفاق فقال من المتكلم فقلت أنا فقال إن ملك الموت عليه السلام يقول لي إني بكل سخي رفيق ثم طفئ .
ولما حضرت يوسف بن أسباط الوفاة شهده حذيفة فوجده قلقا فقال يا أبا محمد هذا أوان القلق والجزع فقال يا أبا عبد الله وكيف لا أقلق ولا أجزع وإني لا أعلم أني صدقت الله في شيء من عملي فقال حذيفة واعجباه لهذا الرجل الصالح يخلف عند موته أنه لا يعلم أنه صدق الله في شيء من عمله .
وعن المغازلي قال دخلت على شيخ لي من أصحاب هذه الصفة وهو عليل وهو يقول يمكنك أن تعمل ما تريد فارفق بي ودخل بعض المشايخ على ممشاد الدينوري في وقت وفاته فقال له فعل الله تعالى وصنع من باب الدعاء فضحك ثم قال منذ ثلاثين سنة تعرض على الجنة بما فيها فما أعرتها طرفي .
وقيل لرويم عند الموت قل لا إله إلا الله فقال لا أحسن غيره .
ولما حضرت الثوري الوفاة قيل له قل لا إله إلا الله فقال أليس ثم أمر ودخل المزني على الشافعي رحمة الله عليهما في مرضه الذي توفي فيه فقال له كيف أصبحت