أن الفقر أحب إلي من الغنى والسقم أحب إلى من الصحة والموت احب إلى من العيش فسهل على الموت حتى ألقاك فإذن التائب معذور في كراهة الموت وهذا معذور في حب الموت وتمنيه وأعلى منهما رتبة من فوض أمره إلى الله تعالى فصار لا يختار لنفسه موتا ولا حياة بل يكون أحب الأشياء إليه احبها إلى مولاه .
فهذا قد انتهى بفرط الحب والولاء إلى مقام التسليم والرضا وهو الغاية والمنتهى .
وعلى كل حال ففي ذكر الموت ثواب وفضل فإن المنهمك أيضا يستفيد بذكر الموت التجافي عن الدنيا إذ ينغص عليه نعيمه ويكدر عليه صفو لذته .
وكل ما يكدر على الإنسان اللذات والشهوات فهو من أسباب النجاة .
بيان فضل ذكر الموت كيفما كان .
قال رسول الله A أكثروا من ذكر هاذم اللذات // حديث أكثروا من ذكر هاذم اللذات أخرجه الترمذي وقال حسن والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقد تقدم // ومعناه نغصوا بذكره اللذات حتى ينقطع ركونهم إليها فتقبلوا على الله تعالى وقال A لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم منها سمينا // حديث لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم منها سمينا أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أم حبيبة الجهنية وقد تقدم // وقالت عائشة Bها يا رسول الله هل يحشر مع الشهداء أحد قال نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة // حديث قالت عائشة هل يحشر مع الشهداء أحد قال نعم من ذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة تقدم // وإنما سبب هذه الفضيلة كلها أن ذكر الموت يوجب التجافي عن دار الغرور ويتقاضى الاستعداد للآخرة والغفلة عن الموت تدعو إلى الانهماك في شهوات الدنيا .
وقال A تحفة المؤمن الموت // حديث تحفة المؤمن الموت أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت والطبراني والحاكم من حديث عبد الله بن عمر مرسلا بسند حسن // وإنما قال هذا لأن الدنيا سجن المؤمن إذ لا يزال فيها في عناء من مقاساة نفسه ورياضة شهواته ومدافعه شيطانه فالموت إطلاق له من هذا العذاب والإطلاق تحفة في حقه وقال A الموت كفارة لكل مسلم // حديث الموت كفارة لكل مسلم أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب والخطيب في التاريخ من حديث انس قال ابن العربي في سراج المريدين أنه حسن صحيح وضعفه ابن الجوزي وقد جمعت طرقه في جزء // واراد بهذا المسلم حقا المؤمن صدقا الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده ويتحقق فيه أخلاق المؤمنين ولم يتدنس من المعاصي إلا باللمم والصغائر فالموت يطهره منها ويكفرها بعد اجتنابه الكبائر وإقامته الفرائض قال عطاء الخراساني مر رسول الله A بمجلس قد استعلى فيه الضحك فقال شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات قالوا وما مكدر اللذات قال الموت // حديث عطاء الخراساني مر النبي A بمجلس قد استعلاه الضحك فقال شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت هكذا مرسلا ورويناه في أمالى الجلال من حديث أنس ولا يصح // وقال أنس رضي الله تعالى عنه قال رسول الله A اكثروا من ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا // حديث أنس أكثروا من ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت بإسناد ضعيف جدا // وقال A كفى بالموت مفرقا // حديث كفى بالموت مفرقا أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث أنس وعراك بن مالك بسند ضعيف ورواه ابن أبي الدنيا في البر والصلة من رواية أبي عبد الرحمن الحبلى مرسلا // وقال عليه السلام كفى بالموت واعظا // حديث كفى بالموت واعظا أخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب من حديث عمار ابن ياسر بسند ضعيف وهو مشهور من قول الفضيل بن عياض رواه البيهقي في الزهد // وخرج رسول الله A إلى المسجد فإذا قوم يتحدثون ويضحكون فقال اذكروا الموت أما والذي نفسي بيده لو تعلمون