نشر الأصابع وحد رفعها فهي هيئات تابعة لهذه السنة والتورك والافتراش هيئات تابعة للجلسة والإطراق وترك الالتفات هيئات للقيام وتحسين صورته وجلسة الاستراحة لم نعدها من أصول السنة في الأفعال لأنها كالتحسين لهيئة الارتفاع من السجود إلى القيام لأنها ليست مقصودة في نفسها ولذلك لم تفرد بذكر .
وأما السنن من الأذكار فدعاء الاستفتاح ثم التعوذ ثم قوله آمين فإنه سنة مؤكدة ثم قراءة السورة ثم تكبيرات الانتقالات ثم الذكر في الركوع والسجود والاعتدال عنهما ثم التشهد الأول والصلاة فيه على النبي A ثم الدعاء في آخر التشهد الأخير ثم التسليمة الثانية وإن جمعناها في اسم السنة فلها درجات متفاوتة إذ تجبر أربعة منها بسجود السهو .
وأما من الأفعال فواحدة وهي الجلسة الأولى للتشهد الأول فإنها مؤثرة في ترتيب نظم الصلاة في أعين الناظرين حتى يعرف بها أنها رباعية أم لا بخلاف رفع اليدين فإنه لا يؤثر في تغيير النظم فعبر عن ذلك بالبعض .
وقيل الأبعاض تجبر بالسجود وأما الأذكار فكلها لا تقتضي سجود السهو إلا ثلاثة القنوت والتشهد الأول والصلاة على النبي A فيه بخلاف تكبيرات الانتقالات وأذكار الركوع والسجود والإعتدال عنهما لأن الركوع والسجود في صورتهما مخالفان للعادة ويحصل بهما معنى العبادة مع السكوت عن الأذكار وعن تكبيرات الإنتقالات فعدم تلك الأذكار لا تغير صورة العبادة .
وأما الجلسة للتشهد الأول ففعل معتاد وما زيدت إلا للتشهد فتركها ظاهر التأثير .
وأما دعاء الاستفتاح والسورة فتركهما لا يؤثر مع أن القيام صار معمورا بالفاتحة ومميزا عن العادة بها وكذلك الدعاء في التشهد الأخير والقنوت أبعد ما يجبر بالسجود ولكن شرع مد الاعتدال في الصبح لأجله فكان كمد جلسة الاستراحة إذ صارت بالمد مع التشهد جلسة للتشهد الأول .
فبقي هذا قياما ممدودا معتادا ليس فيه ذكر واجب وفي الممدود احتراز عن غير الصبح وفي خلوه عن ذكر واجب احتراز عن أصل القيام في الصلاة .
فإن قلت تمييز السنن عن الفرائض معقول إذ تفوت الصحة بفوت الفرض دون السنة ويتوجه العقاب به دونها فأما تمييز سنة عن سنة والكل مأمور به على سبيل الاستحباب ولا عقاب في ترك الكل والثواب موجود على الكل فما معناه فاعلم أن اشتراكهما في الثواب والعقاب والاستحباب لا يرفع تفاوتهما ولنكشف ذلك لك بمثال وهو أن الإنسان لا يكون إنسانا موجودا كاملا إلا بمعنى باطن وأعضاء ظاهرة فالمعنى الباطن هو الحياة والروح والظاهر أجسام أعضائه .
ثم بعض تلك الأعضاء ينعدم الإنسان بعدمها كالقلب والكبد والدماغ وكل عضو تفوت الحياة بفواته وبعضها لا تفوت بها الحياة ولكن يفوت بها مقاصد الحياة كالعين واليد والرجل واللسان وبعضها لا يفوت بها الحياة ولا مقاصدها ولكن يفوت بها الحسن كالحاجبين واللحية والأهداب وحسن اللون وبعضها لا يفوت بها أصل الجمال ولكن كماله كاستقواس الحاجبين وسواد شعر اللحية والأهداب وتناسب خلقة الأعضاء وامتزاج الحمرة بالبياض في اللون فهذه درجات متفاوتة فكذلك العبادة صورة صورها الشرع وتعبدنا باكتسابها فروحها وحياتها الباطنة الخشوع والنية وحضور القلب والإخلاص كما سيأتي ونحن الآن فى أجزائها الظاهرة فالركوع والسجود والقيام وسائر الأركان تجري منها مجرى القلب والرأس والكبد إذ يفوت وجود الصلاة بفواتها .
والسنن التي ذكرناها من رفع اليدين ودعاء الاستفتاح والتشهد الأول تجري منها مجرى اليدين والعينين والرجلين ولا تفوت الصحة بفواتها كما لا تفوت الحياة بفوات هذه الأعضاء ولكن يصير الشخص بسبب فواتها مشوه الخلقة مذموما غير مرغوب فيه فكذلك من اقتصر على أقل ما يجزي من الصلاة كان كمن أهدى إلى ملك من الملوك عبدا حيا مقطوع الأطراف .
وأما الهيئات وهي ما وراء السنن فتجري مجرى أسباب الحسن من الحاجبين واللحية والأهداب