الصوم وهو نوع ترهب ولذلك قال رسول الله Aرهبانية أمتي القعود في المساجد // حديث رهبانية أمتي القعود في المساجد لم أجد له أصلا // ورابعها عكوف الهم على الله ولزوم السر للفكر في الآخرة ودفع الشواغل الصارفة عنه بالاعتزال إلى المسجد وخامسها التجرد لذكر الله أو لاستماع ذكره وللتذكر به كما روي في الخبر من غدا إلى المسجد ليذكر الله تعالى أو يذكر به كان كالمجاهد في سبيل الله تعالى // حديث من غدا إلى المسجد يذكر الله أو يذكر به كان كالمجاهد في سبيل الله تعالى هو معروف من قول كعب الأحبار رويناه في جزء ابن طوق وللطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجه وإسناده جيد وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح // وسادسها أن يقصد إفادة العلم بأمر بمعروف ونهي عن منكر إذ المسجد لا يخلو عمن يسئ في صلاته أو يتعاطى مالا يحل له فيأمره بالمعروف ويرشده إلى الدين فيكون شريكا معه في خيره الذي يعلم منه فتتضاعف خيراته وسابعها أن يستفيد أخا في الله فإن ذلك غنيمة وذخيرة للدار الآخرة والمسجد معشش أهل الدين المحبين لله وفي الله وثامنها أن يترك الذنوب حياء من الله تعالى وحياء من أن يتعاطى في بيت الله ما يقتضي هتك الحرمة وقد قال الحسن بن علي Bهما من أدمن الاختلاف إلى المسجد رزقه الله إحدى سبع خصال أخا مستفادا في الله أو رحمة مستنزلة أو علما مستظرفا أو كلمة تدل على هدى أو تصرفه عن ردى أو يترك الذنوب خشية أو حياء فهذا طريق تكثير النيات وقس به سائر الطاعات والمباحات إذ ما من طاعة إلا وتحتمل نيات كثيرة وإنما تحضر في قلب العبد المؤمن بقدر جده في طلب الخير وتشمره له وتفكر فيه فبهذا تزكوا الأعمال وتتضاعف الحسنات القسم الثالث المباحات وما من شىء من المبحاثات إلا ويحتمل نية أو نيات يصير بها من محاسن القربات وينال بها معالي الدرجات فما أعظم خسران من يغفل عنها ويتعاطاها تعاطي البهائم المهملة عن سهو وغفلة ولا ينبغي أن يستحقر العبد شيئا من الخطرات والخطوات واللحظات فكل ذلك يسئل عنه يوم القيامة أنه لم فعله وما الذي قصد به هذا في مباح محض لا يشوبه كراهة ولذلك قال A حلالها حساب وحرامها عقاب // حديث حلالها حساب وحرامها عذاب تقدم // وفي حديث معاذ بن حبل أن النبي A قال إن العبد ليسأل يوم القيامة عن كل شىء حتى عن كحل عينيه وعن فتات الطينة بأصبعيه وعن لمسه ثوب أخيه // حديث معاذ إن العبد ليسأل يوم القيامة عن كل شىء حتى عن كحل عينيه وعن فتات الطين بأصبعيه وعن لمسه ثوب أخيه لم أجد له إسنادا // وفي خبر آخر من تطيب لله تعالى جاء يوم القيامة وريحه أطيب من المسك ومن تطيب لغير الله تعالى جاء يوم القيامة وريحه أنتن من الجيفة فاستعمال الطيب مباح ولكن لا بد فيه من نية فإن قلت فما الذي يمكن أن ينوي بالطيب وهو حظ من حظوظ النفس وكيف يتطيب لله فاعلم أن من يتطيب مثلا يوم الجمعة وفي سائر الأوقات يتصور أن يقصد التنعم بلذات الدنيا أو يقصد به إظهار التفاخر بكثرة المال ليحسده الأقران أو يقصد به رياء الخلق ليقوم له الجاه فى قلوبهم ويذكر بطيب الرائحة أو ليتودد به إلى قلوب النساء الأجنبيات إذا كان مستحلا للنظر إليهن ولأمور أخرى لا تحصى وكل هذا يجعل التطيب معصية فبذلك يكون أنتن من الجيفة في القيامة إلا القصد الأول وهو التلذذ والتنعم فإن ذلك ليس بمعصية إلا أنه يسئل عنه ومن