بعينه إلى الشيء وأريه كرامتى في كل ساعة وأقربه من نور وجهى إن مرض مرضته كما تمرض الوالدة الشفيقة ولدها وإن عطش أرويته وأذيقه طعم ذكرى فإذا فعلت ذلك به يا داود عميت نفسه عن الدنيا وأهلها ولم أحببها إليه لا يفتر عن الاشتغال بي يستعجلنى القدوم وأنا أكره أن أميته لأنه موضع نظرى من بين خلقي لا يرى غيرى ولا أرى غيره فلو رأيته يا داود وقد ذابت نفسه ونحل جسمه وتهشمت أعضاؤه وانخلع قلبه إذا سمع بذكرى أباهى به ملائكتى وأهل سمواتى يزداد خوفا وعبادة وعزتي وجلالى يا داود لأقعدنه في الفردوس ولأشفين صدره من النظر إلى حتى يرضى وفوق الرضا .
وفي أخبار داود أيضا قل لعبادى المتوجهين إلى محبتى ما ضركم إذا احتجبت عن خلقى ورفعت الحجاب فيما بينى وبينكم حتى تنظروا إلى بعيون قلوبكم وما ضركم ما زويت عنكم من الدنيا إذا بسطت دينى لكم وما ضركم مسخطة الخلق إذا التمستم رضائى .
وفي أخبار داود أيضا إن الله تعالى أوحى إليه تزعم أنك تحبنى فإن كنت تحبنى فأخرج حب الدنيا من قلبك فإن حبى وحبها لا يجتمعان في قلب .
يا داود خالص حبيبى مخالصة وخالط أهل الدنيا مخالطة ودينك فقلدنيه ولا تقلد دينك الرجال أما ما استبان لك مما وافق محبتى فتمسك به وأما ما أشكل عليك فقلدنيه حقا على أني أسارع إلى سياستك وتقويمك وأكن قائدك ودليلك أعطيك من غير أن تسألنى وأعينك على الشدائد وإنى قد حلفت على نفسى أنى لا أثيب إلا عبدا قد عرفت من طلبته وإرادته إلفاء كنفه بين يدى وأنه لا غنى به عنى .
فإذا كنت كذلك نزعت الذلة والوحشة عنك وأسكن الغنى قلبك فإنى قد حلفت على نفسى أنه لا يطمئن عبد لى إلى نفسه ينظر إلى فعالها إلا وكلته إليها أضف الأشياء إلى لا تضاد عملك فتكون متعنيا ولا ينتفع بك من يصحبك ولا تجد لمعرفتى حدا فليس لها غاية ومتى طلبت منى الزيادة أعطك ولا تجد للزيادة منى حدا ثم أعلم بنى اسرائيل أنه ليس بينى وبين أحد من خلقى نسب فلتعظم رغبتهم وإرادتهم عندى أبح لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ضعنى بين عينيك وانظر إلى ببصر قلبك ولا تنظر بعينك التى في رأسك إلى الذين حجبت عقولهم عنى فأمر جوها وسخت بانقطاع ثوابي عنها فإنى حلفت بعزتي وجلالى لا أفتح ثوابي لعبد دخل في طاعتى للتجربة والتسويف تواضع لمن تعلمه ولا تطاول على المريدين فلو علم أهل محبتى منزلة المريدين عندى لكانوا لهم أرضا يمشون عليها .
يا دواد لأن تخرج مريدا من سكرة هو فيها تستنقذه فأكتبك عندى جهيدا ومن كتبته عندى جهيدا لا تكون عليه وحشة ولا فاقة إلى المخلوقين .
يا داود تمسك بكلامى وخذ من نفسك لنفسك لا تؤتين منها فأحجب عنك محنتى لا تؤيس عبادى من رحمتى اقطع شهوتك لي فإنما أبحت الشهوات لضعفة خلقى ما بال الأقوياء أن ينالوا الشهوات فإنها تنقص حلاوة مناجاتى وإنما عقوبة الأقوياء عندى في موضع التناول أدنى ما يصل إليهم أن أحجب عقولهم عنى فإنى لم أرض الدنيا لحبيبى ونزهته عنها .
يا داود لا تجعل بينى وبينك عالما يحجبك بسكره عن محبتى أولئك قطاع الطريق على عبادى المريدين استعن على ترك الشهوات بإدمان الصوم وإياك والتجربة في الإفطار فإن محبتى للصوم إدمانه .
يا داود تحبب إلى بمعاداة نفسك امنعها الشهوات أنظر إليك وترى الحجب بينى وبينك مرفوعة إنما أداريك مداراة لتقوى على ثوابى إذا مننت عليك به وإنى أحبسه عنك وأنت متمسك بطاعتى .
أوحى الله تعالى إلى داود يا داود لو يعلم المدبرون عنى كيف انتظارى لهم ورفقى بهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لماتوا شوقا إلى وتقطعت أوصالهم من محبتى .
يا داود هذه إرادتى في المدبرين عنى فكيف إرادتى في المقبلين على