ففهم منه الرخصة فى أمل الحياة أربعين يوما .
وهذه درجة المتقين والثالثة أن يدخر لسنته وهى أقصى المراتب وهى رتبة الصالحين ومن زاد فى الادخار على هذا فهو واقع فى غمار العموم خارج عن حيز الخصوص بالكلية فغنى الصالح الضعيف فى طمأنينة قلبه فى قوت سنته وغنى الخصوص فى أربعين يوما وغنى خصوص الخصوص فى يوم وليلة وقد قسم النبي A نساءه على مثل هذه الأقسام فبعضهن كان يعطيها قوت سنة عند حصول ما يحصل وبعضهن قوت أربعين يوما وليلة وهو قسم عائشة وحفصة .
بيان آداب الفقير فى قبول العطاء إذا جاءه بغير سؤال .
ينبغى أن يلاحظ الفقير فيما جاءه ثلاثة أمور نفس المال .
وغرض المعطى وغرضه فى الأخذ .
أما نفس المال فينبغى أن يكون حلالا خاليا عن الشبهات كلها فإن كان فيه شبهة فليحترز من أخذه وقد ذكرنا فى كتاب الحلال والحرام درجات الشبهة وما يجب اجتنابه وما يستحب .
وأما غرض المعطى فلا يخلو إما أن يكون غرضه تطييب قلبه وطلب محبته وهو الهدية أو الثواب وهو الصدقة والزكاة والذكر والرياء والسمعة إما على التجرد وإما ممزوجا ببقية الأغراض .
أما الأول وهو الهدية فلا بأس بقبولها فإن قبولها سنة رسول اللهA // حديث أن قبول الهدية سنة تقدم أنه A كان يقبل الهدية // ولكن ينبغى أن لا يكون فيها منة فإن كان فيها منة فالأولى تركها فإن علم أن بعضها مما تعظم فيه المنة فليرد البعض دون البعض فقد أهدى إلى رسول الله A سمن وأقط وكبش فقبل السمن والأقط ورد الكبش // حديث أهدي إلى النبي A سمن وأقط وكبش فقبل السمن والأقط ورد الكبش .
أخرجه أحمد في أثناء حديث ليعلى بن مرة وأهدت إليه كبشين وشيئا من سمن وأقط فقال النبي A خذ الأقط والسمن وأحد الكبشين ورد عليها الآخر وإسناده جيد وقال وكيع مرة عن يعلى بن مرة عن أبيه // وكان A يقبل من بعض الناس ويرد على بعض // حديث كان يقبل من بعض الناس ويرد على بعض رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة وأيم الله لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجريا الحديث فيه محمد بن إسحق ورواه بالعنعنة // .
وقال لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشى أو ثقفى أو أنصارى أو دوسى // حديث لقد هممت أن لا أتهب إلا من قريشي أو ثقفي أو أنصاري او دوسي أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال روى من غير وجه عن أبي هريرة قلت ورجاله ثقات // وفعل هذا جماعة من التابعين .
وجاءت إلى فتح الموصلى صرة فيها خمسين درهما فقال حدثنا عطاء عن النبي A أنه قال من أتاه رزق من غير مسألة فرده فإنما يرده على الله // حديث عطاء مرسلا من أتاه رزق من غير وسيلة فرده فإنما يرد على الله D لم أجده مرسلا هكذا ولأحمد وأبي يعلى والطبراني بإسناد جيد من حديث خالد بن عدي الجهني من بلغه معروف من أخيه من غير مسئلة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله D إليه ولأحمد وأبي داود الطيالسي من حديث أبي هريرة من آتاه الله من هذا المال شيئا من غير أن يسأله فليقبله وفي الصحيحين من حديث عمر ما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه الحديث // ثم فتح الصرة فأخذ منها درهما ورد سائرها .
وكان الحسن يروى هذا الحديث أيضا ولكن حمل إليه رجل كيسا ورزمة من رقيق ثياب خراسان فرد ذلك وقال من جلس مجلسى هذا وقبل من الناس مثل هذا لقى الله D يوم القيامة وليس له خلاق .
وهذا يدل على أن أمر العالم والواعظ أشد فى قبول العطاء وقد كان الحسن يقبل من أصحابه .
وكان إبراهيم التيمي يسأل من أصحابه الدرهم والدرهمين ونحوه ويعرض عليه غيرهم المئين فلا يأخذها وكان بعضهم إذا أعطاه صديقه شيئا يقول اتركه عندك وانظر إن كنت بعد قبوله فى قلبك أفضل مني قبل القبول فأخبرنى