وقال أبو سليمان الدارانى C تعالى تنفس فقير دون شهوة لا يقدر عليها أفضل من عبادة غنى ألف عام .
وعن الضحاك قال من دخل السوق فرأى شيئا يشتهيه فصبر واحتسب كان خيرا له من ألف دينار ينفقها كلها فى سبيل الله تعالى .
وقال رجل لبشر بن الحارث C ادع الله لى فقد أضر بى العيال فقال إذا قال لك عيالك ليس عندنا دقيق ولا خبز فادع الله لى فى ذلك الوقت فإن دعاءك أفضل من دعائى وكان يقول مثل الغنى المتعبد مثل روضة على مزبلة ومثل الفقير المتعبد مثل عقد الجوهر فى جيد الحسناء وقد كانوا يكرهون سماع علم المعرفة من الأغنياء وقد قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه اللهم إنى أسالك الذل عند النصف من نفسى والزهد فيما جاوز الكفاف .
وإذا كان مثل الصديق رضى الله عنه فى كماله يحذر من الدنيا ووجودها فكيف يشك فى أن فقد المال أصلح من وجوده هذا مع أن أحسن أحوال الغنى أن يأخذ حلالا وينفق طيبا ومع ذلك فيطول حسابه فى عرصات القيامة ويطول انتظاره ومن نوقش الحساب فقد عذب ولهذا تأخر عبد الرحمن بن عوف عن الجنة إذ كان مشغولا بالحساب كما رآه رسول الله A ولهذا قال أبو الدرداء رضى الله عنه ما أحب أن لى حانوتا على باب المسجد ولا تخطئنى فيه صلاة وذكر وأربح كل يوم خمسين دينارا وأتصدق بها فى سبيل الله تعالى قيل وما تكره قال سوء الحساب ولذلك قال سفيان C اختار الفقراء ثلاثة أشياء واختار الأغنياء ثلاثة أشياء اختار الفقراء راحة النفس وفراغ القلب وخفة الحساب واختار الأغنياء تعب النفس وشغل القلب وشدة الحساب وما ذكره ابن عطاء من أن الغنى وصف الحق فهو بذلك أفضل فهو صحيح ولكن إذا كان العبد غنيا عن وجود المال وعدمه جميعا بأن يستوى عنده كلاهما فأما إذا كان غنيا بوجوده ومفتقرا إلى بقائه فلا يضاهى غناه غنى الله تعالى لأن الله تعالى غنى بذاته لا بما يتصور زواله والمال يتصور زواله بأن يسرق وما ذكر من الرد عليه بأن الله ليس غنيا بالأعراض والأسباب صحيح فى ذم غنى يريد بقاء المال وما ذكر من أن صفات الحق لا تليق بالعبد غير صحيح بل العلم من صفاته وهو أفضل شىء للعبد بل منتهى العبد أن يتخلق بأخلاق الله تعالى وقد سمعت بعض المشايخ يقول إن سالك الطريق إلى الله تعالى قبل أن يقطع الطريق تصير الأسماء التسعة والتسعون أوصافا له أى يكون له من كل واحد نصيب وأما التكبر فلا يليق بالعبد فإن التكبر على من لا يستحق التكبر عليه ليس من صفات الله تعالى وأما التكبر على من يستحقه كتكبر المؤمن على الكافر وتكبر العالم على الجاهل والمطيع على العاصى فيليق به نعم قد يراد بالتكبر الزهو والصلف والإيذاء وليس ذلك من وصف الله تعالى وإنما وصف الله تعالى أنه أكبر من كل شىء وأنه يعلم أنه كذلك والعبد مأمور بأنه بأنه يطلب أعلى المراتب إن قدر عليه ولكن بالاستحقاق كما هو حقه لا بالباطل والتلبيس فعلى العبد أن يعلم أن المؤمن أكبر من الكافر والمطيع أكبر من العاصى والعالم أكبر من الجاهل والإنسان أكبر من البهيمة والجماد والنبات وأقرب إلى الله تعالى منها فلو رأى نفسه بهذه الصفة رؤية محققة لا شك فيها لكانت صفة التكبر حاصلة له ولائقة به وفضيلة فى حقه إلا أنه لا سبيل له إلى معرفته فإن ذلك موقوف على الخاتمة وليس يدرى الخاتمة كيف تكون وكيف تتفق فلجهله بذلك وجب أن لا يعتقد لنفسه رتبة فوق رتبة الكافر إذ ربما يختم للكافر بالإيمان وقد يختم له بالكفر فلم يكن ذلك لائقا به لقصور علمه عن معرفة العاقبة ولما تصور أن يعلم الشىء على ما هو به كان العلم كمالا فى حقه لأنه