ويغزو في سبيل الله ويعود المريض ويشيع الجنائز ويعين الضعيف ولا يعلم منزلته عند الله يوم القيامة فقال رسول الله A إنما يجزى على قدر عقله // حديث أبي الدرداء أرأيت الرجل يصوم النهار ويقوم الليل الحديث وفيه إنما يجزى على قدر عقله أخرجه الخطيب في التاريخ وفي أسماء من روى عن مالك من حديث ابن عمر وضعفه ولم أره من حديث أبي الدرداء .
وقال أنس أثني على رجل عند رسول الله A فقالوا خيرا فقال رسول الله A كيف عقله قالوا يا رسول الله نقول من عبادته وفضله وخلقه فقال كيف عقله فإن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر .
وإنما يقرب الناس يوم القيامة على قدر عقولهم // حديث أنس أثني على رجل عند النبي A فقال كيف عقله الحديث أخرجه داود بن المحبر في كتاب العقل وهو ضعيف وتقدم في العلم .
وقال أبو الدرداء كان رسول الله A إذا بلغه عن رجل شدة عبادة سأل عن عقله فإذا قالوا حسن قال أرجوه وإن قالوا كان غير ذلك قال لن يبلغ // حديث أبي الدرداء كان إذا بلغه عن رجل شدة عبادة سأل عن عقله الحديث أخرجه الترمذي الحكيم في النوادر وابن عدي ومن طريقه البيهقي في الشعب وضعفه .
وذكر له شدة عبادة رجل فقال كيف عقله قالوا ليس بشيء قال لن يبلغ صاحبكم حيث تظنون فالذكاء صحيح وغريزة العقل نعمة من الله تعالى في أصل الفطرة فإن فاتت ببلادة وحماقة فلا تدارك لها .
الثاني المعرفة وأعني بالمعرفة أن يعرف أربعة أمور يعرف نفسه ويعرف ربه ويعرف الدنيا ويعرف الآخرة فيعرف نفسه بالعبودية والذل وبكونه غريبا في هذا العالم وأجنبيا من هذه الشهوات البهيمية وإنما الموافق له طبعا هو معرفة الله تعالى والنظر إلى وجهه فقط فلا يتصور أن يعرف هذا ما لم يعرف نفسه ولم يعرف ربه فليستعن على هذا بما ذكرناه في كتاب المحبة وفي كتاب شرح عجائب القلب وكتاب التفكر وكتاب الشكر إذ فيها إشارات إلى وصف النفس وإلى وصف جلال الله ويحصل به التنبه على الجملة وكمال المعرفة وراءه فإن هذا من علوم المكاشفة ولم نطنب في هذا الكتاب إلا في علوم المعاملة .
وأما معرفة الدنيا والآخرة فيستعين عليها بما ذكرنا في كتاب ذم الدنيا وكتاب ذكر الموت ليتبين له أن لا نسبة للدنيا إلى الآخرة فإذا عرف نفسه وربه وعرف الدنيا والآخرة ثار من قلبه بمعرفة الله حب الله وبمعرفة الآخرة شدة الرغبة فيها وبمعرفة الدنيا الرغبة عنها ويصير أهم أموره ما يوصله إلى الله تعالى وينفعه في الآخرة وإذا غلبت هذه الإرادة على قلبه صحت نيته في الأمور كلها فإن أكل مثلا أو اشتغل بقضاء الحاجة كان قصده منه الاستعانة على سلوك طريق الآخرة .
وصحت نيته واندفع عنه كل غرور منشؤه تجاذب الأغراض والنزوع إلى الدنيا والجاه والمال فإن ذلك هو المفسد للنية .
وما دامت الدنيا أحب إليه من الآخرة وهوى نفسه أحب إليه من رضا الله تعالى فلا يمكنه الخلاص من الغرور .
فإذا غلب حب الله على قلبه بمعرفته بالله وبنفسه الصادرة عن كمال عقله فيحتاج إلى المعنى الثالث وهو العلم أعني العلم بمعرفة كيفية سلوك الطريق إلى الله والعلم بما يقربه من الله وما يبعده عنه والعلم بآفات الطريق وعقباته وغوائله وجميع ذلك قد أودعناه كتب إحياء علوم الدين فيعرف من ربع العبادات شروطها فيراعيها وآفاتها فيتقيها ومن ربع العادات أسرار المعايش وما هو مضطر إليه فيأخذه بأدب الشرع وما هو مستغن عنه فيعرض عنه ومن ربع المهلكات يعلم جميع العقبات المانعة في طريق الله فإن المانع من الله الصفات المذمومة في الخلق فيعلم المذموم ويعلم طريق علاجه ويعرف من ربع المنجيات الصفات المحمودة التي لا بد وأن توضع خلفا عن المذمومة بعد محوها فإذا أحاط بجميع ذلك أمكنه الحذر من الأنواع التي أشرنا إليها من الغرور وأصل ذلك كله أن يغلب