رأسه مليا ثم رفع رأسه فقال إن أفضل القصد عند الجدة وإن أفضل العفو عند القدرة وقال A من ترك زينة لله ووضع ثيابا حسنة تواضعا لله وابتغاء لمرضاته كان حقا على الله أن يدخر له عبقري الجنة // حديث من ترك زينة لله ووضع ثيابا حسنة تواضعا لله الحديث أخرجه أبو سعيد الماليني في مسند الصوفية وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عباس من ترك زينة لله الحديث وفي إسناده نظر .
فإن قلت فقد قال عيسى عليه السلام جودة الثياب خيلاء القلب .
وقد سئل نبينا A عن الجمال في الثياب هل هو من الكبر فقال لا ولكن من سفه الحق وغمص الناس // حديث سئل عن الجمال في الثياب هل هو من الكبر فقال لا الحديث تقدم غير مرة .
فكيف طريق الجمع بينهما فاعلم أن الثوب الجديد ليس من ضرورته أن يكون من التكبر في حق كل أحد في كل حال وهو الذي أشار إليه رسول الله A وهو الذي عرفه رسول الله A من حال ثابت بن قيس إذ قال إني امرؤ حبب إلي من الجمال ما ترى // حديث إن ثابت بن قيس قال للنبي A إني امرؤ حبب إلي الجمال الحديث هو الذي قبله سمي فيه السائل وقد تقدم .
فعرف أن ميله إلى النظافة وجودة الثياب لا ليتكبر على غيره فإنه ليس من ضرورته أن يكون من الكبر وقد يكون ذلك من الكبر كما أن الرضا بالثوب الدون قد يكون من التواضع .
وعلامة المتكبر أن يطلب التجمل إذا رآه الناس ولا يبالي إذا انفرد بنفسه كيف كان .
وعلامة طالب الجمال أن يحب الجمال في كل شيء ولو في خلوته وحتى في سنور داره فذلك ليس من التكبر .
فإذا انقسمت الأحوال نزل قول عيسى عليه السلام على بعض الأحوال على أن قوله خيلاء القلب يعني قد تورث خيلاء في القلب وقول نبينا A إنه ليس من الكبر يعني أن الكبر لا يوجبه ويجوز أن لا يوجبه الكبر ثم يكون هو مورثا للكبر .
وبالجملة فالأحوال تختلف في مثل هذا المحبوب الوسط من اللباس الذي لا يوجب شهرة بالجودة ولا بالرداءة .
وقد قال A كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير سرف ولا مخيلة // حديث كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة أخرجه النسائي وابن ماجه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده // حديث إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده أخرجه الترمذي وحسنه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أيضا وقد جعلهما المصنف حديثا واحدا .
وقال بكر بن عبد الله المزني البسوا ثياب الملوك وأميتوا قلوبكم بالخشية وإنما خاطب بهذا قوما يطلبون التكبر بثياب أهل الصلاح .
وقد قال عيسى عليه السلام ما لكم تأتوني وعليكم ثياب الرهبان وقلوبكم قلوب الذئاب الضواري البسوا ثياب الملوك وأميتوا قلوبكم بالخشية .
ومنها أن يتواضع بالاحتمال إذا سب وأوذي وأخذ حقه فذلك هو الأصل .
وقد أوردنا ما نقل عن السلف من احتمال الأذى في كتاب الغضب والحسد .
وبالجملة فمجامع حسن الأخلاق والتواضع سيرة النبي A فيه فينبغي أن يقتدى به ومنه ينبغي أن يتعلم .
وقد قال أبو سلمة .
قلت لأبي سعيد الخدري ما ترى فيما أحدث الناس من الملبس والمشرب والمركب والمطعم فقال يا ابن أخي كل لله واشرب لله والبس لله وكل شيء من ذلك دخله زهو أو مباهاة أو رياء أو سمعة فهو معصية وسرف وعالج في بيتك من الخدمة ما كان يعالج رسول الله A في بيته كان يعلف الناضح ويعقل البعير ويقم البيت ويحلب الشاة ويخصف النعل ويرقع الثوب ويأكل مع خادمه ويطحن عنه إذا أعيا ويشتري الشيء من السوق ولا يمنعه الحياء أن يلعقه بيده أو يجعله في طرف ثوبه وينقلب إلى أهله يصافح الغني والفقير والكبير والصغير ويسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير أو كبير أسود أو أحمر حر أو عبد من أهل الصلاة ليست له حلة لمدخله وحلة لمخرجه لا يستحي من أن يجيب إذا دعي وإن كان أشعث أغبر ولا يحقر ما دعي إليه وإن لم يجد إلا حشف الدقل لا يرفع غداء لعشاء ولا عشاء لغداء هين المؤنة