الكبيرة الحادية و الثلاثون : القاضي السوء .
قال الله تعالى : { و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } و قال الله تعالى : { و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } و قال الله تعالى : { و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } .
روى الحاكم بإسناده و في صحيحه [ عن طلحة بن عبيد الله Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله ] .
و صحح الحاكم أيضا من [ حديث بريدة Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : القضاة ثلاثة : قاض في الجنة و قاضيان في النار قاض عرف الحق فقضى به فهو في الحنة و قاض عرف الحق فجار متعمدا فهو في النار و قاض قضى بغير علم فهو في النار قالوا فما ذنب الذي يجهل ؟ قال : ذنبه أن لا يكون قاضيا حتى يعلم ] و [ عن أبي هريرة Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من جعل قاضيا فقد ذبح من غير سكين ] و قال الفضيل بن عياض C ينبغي للقاضي أن يكون يوما في القضاء و يوما في البكاء على نفسه و قال محمد بن واسع C : أول من يدعى يوم القيامة إلى الحساب القضاة و [ عن عائشة Bها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يود أنه لم يقض بين اثنين في تمرة ] و [ عن معاذ بن جبل Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن القاضي ليزل في زلقة في جهنم أبعد من عدن ] و [ عن علي بن أبي طالب Bه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليس من وال و لا قاض إلا يؤتى به يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز و جل على الصراط ثم تنشر سريرته فتقرأ على رؤوس الخلائق فإن كان عدلا نجاه الله بعدله و إن كان غير ذلك انتفض به ذلك الجسر انتفاضا فصار بين كل عضو من أعضائه مسيرة كذا و كذا ثم ينخرق به الجسر إلى جهنم ] و قال مكحول : لو خيرت بين القضاء و بين ضرب عنقي لاخترت ضرب عتقي على القضاء و قال أيوب السختياني : إني وجدت أعلم الناس أشدهم هربا منه و قيل للثوري : إن شريحا قد استقضي فقال : أي رجل قد أفسدوه ! و دعا مالك بن المنذر محمد بن واسع ليجعله على قضاء البصرة فأبى فعاوده و قال : لتجلسن و إلا جلدتك فقال : إن تفعل فإنك سلطان و إن ذليل الدنيا خير من ذليل الآخرة ! و قال وهب بن منبه : إذا هم الحاكم بالجور أو عمل به أدخل الله النقص على أهل مملكته حتى في الأسواق و الأرزاق و الزرع و الضرع شيء و إذا هم بالخير أو العدل أدخل الله البركة في أهل مملكته كذلك و كتب عامل من عمال حمص إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه : أما بعد فإن مدينة حمص قد تهدمت و احتاجت إلى اصلاح فكتب إليه عمر : حصنها بالعدل و نق طرقها من الجور و السلام قال : و يحرم على القاضي أن يحكم و هو غضبان و إذا اجتمع في القاضي قلة علم و سوء قصد و أخلاق زعرة و قلة ورع فقد تم خسرانه و وجب عليه أن يعزل نفسه و يبادر بالخلاص فنسأل الله العفو و العافية و التوفيق لما يحب و يرضى إنه جواد كريم .
موعظة : يا من عمره كلما زاد نقص يا من يأمن ملك الموت و قد اقتص يا مائلا إلى الدنيا هل سلمت من النقص ؟ يا مفرطا في عمره هل بادرت الفرص ؟ يا من إذا ارتقى في منهاج الهدى ثم لاج له الهوى نكص من لك يوم الحشر عند نشر القصص عجبا لنفس أمست بالليل هاجعة و نسيت أهوال يوم الواقعة و لأن تقرعها المواعظ فتصغي لها سامعة ثم تعود الزواجر عنها ضائعة و النفوس غدت في كرم الكريم طامعة ليست له في حال من الأحوال طائعة و الأقدام سعت في الهوى في طرق شاسعة بعد أن وضحت من الهدى سبل واسعة و الهمم شرعت في مشارع الهوى متنازعه لم تكن موعظة العقول لها نافعة و قلوب تضمر التوبة إذا فزعت بزواجر رادعه ثم تعود إلى ما لا يحل مرارا متتابعة