الكبيرة العاشرة : الزنا .
و بعضه أكبر من بعض قال الله تعالى : .
{ ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } و قال الله تعالى : { و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا * إلا من تاب } .
و قال الله تعالى : { الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } .
قال العلماء : هذا عذاب الزانية و الزاني في الدنيا إذا كانا عزبين غير متزوجين فإن كانا متزوجين أو قد تزوجا و لو مرة في العمر فإنهما يرجمان بالحجارة إلى أن يموتا كذلك ثبت في السنة عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ فإن لم يستوف القصاص منهما في الدنيا و ماتا من غير توبة فإنهما يعذبان في النار بسياط من نار ] .
كما ورد أن الزبور مكتوبا : إن الزناة معلقون بفروجهم في النار يضربون عليها بسياط من حديد فإذا استغاث من الضرب نادته الزبانية أين كان هذا الصوت و أنت تضحك و تفرح و تمرح و لا تراقب الله تعالى و لا تستحي منه ؟ ! و ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن و لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن و لا يشرب الخمر حين يشربها و هو مؤمن و لا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم حين ينتهبها و هو مؤمن ] و قال صلى الله عليه و سلم : [ إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان كاظلة على رأسه ثم إذا أقلع رجع إليه الإيمان ] .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه ] و الحديث النبوي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم شيخ زان و ملك كذاب و عائل مستكبر ] .
و [ عن ابن مسعود Bه قال : قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله تعالى ؟ قال : أن تجعل لله ندا و هو خلقك فقلت : إن ذلك لعظيم ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت ثم أي ؟ قال أن تزني بحليلة جارك ] ـ يعني زوجة جارك ـ فأنزل الله عز و جل تصديق ذلك : { و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا * إلا من تاب } .
فانظر رحمك الله كيف قرنا الزنا بزوجة الجار بالشرك بالله و قتل النفس التي حرم الله عز و جل إلا بالحق و هذا الحديث مخرج في الصحيحين .
و في صحيح البخاري في حديث منام النبي صلى الله عليه و سلم الذي رواه سمرة بن جندب و فيه أنه صلى الله عليه و سلم جاءه جبريل و ميكائيل قال : فانطلقنا فأتينا على مثل التنور أعلاه ضيق و أسفله واسع فيه لغط و أصوات قال : فاطلعنا فيه فإذا رجال و نساء عراة فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ـ أي صاحوا من شدة حره ـ فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء الزناة و الزواني ـ يعني من الرجال و النساء فهذا عذابهم إلى يوم القيامة .
نسأل الله العفو و العافية .
و عن عطاء في تفسير قول الله تعالى عن جهنم { لها سبعة أبواب } : قال : أشد تلك الأبواب غما و حرا و كربا و أنتنها ريحا للزناة الذين ارتكبوا الزنى بعد العلم و عن مكحول الدمشقي قال : يجد أهل النار رائحة منتنة فيقولون ما وجدنا أنتن من هذه الرائحة فيقال لهم هذه ريح فروج الزناة و قال ابن زيد أحد أئمة التفسير : إنه ليؤذي أهل النار ريح فروج الزناة و في العشر الآيات التي كتبها الله لموسى عليه السلام : و لا تسرق و لا تزن فأحجب عنك وجهي فإذا كان الخطاب لنبيه موسى عليه السلام فكيف بغيره ؟ ! .
[ و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أن إبليس يبث جنوده في الأرض و يقول لهم : أيكم أضل مسلما ألبسته التاج على رأسه فأعظمهم فتنة أقربهم إليه منزلة فيجيء إليه أحدهم فيقول له : لم أزل بفلان حتى طلق امرأته فيقول : ما صنعت شيئا سوف يتزوج غيرها ثم يجيء الآخر فيقول لم أزل بفلان حتى ألقيت بينه و بين أخيه العداوة فيقول ما صنعت شيئا سوف يصالحه ثم يجيء الآخر فيقول لم أزل بفلان حتى زنى فيقول إبليس نعم فيدنيه منه و يضع التاج على رأسه نعوذ بالله من شرور الشيطان و جنوده ] .
[ و عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء فإذا زنى العبد نزع الله منه سربال الإيمان فإن تاب رده عليه و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : يا معشر المسلمين اتقوا الزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة فأما التي في الدنيا : فذهاب بهاء الوجه و قصر العمر و دوام الفقر و أما التي في الآخرة فسخط الله تبارك و تعالى و سوء الحساب و العذاب بالنار ] و عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من مات مصرا على شرب الخمر سقاه الله تعالى من نهر الغوطة و هو نهر يجري في النار من فروج المومسات ] يعني الزانيات يجري من فروحهن قيح و صديد في النار ثم يسقى ذلك لمن مات مصرا على شرب الخمر .
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ ما من ذنب بعد الشرك بالله أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في فرج رسول الله لا يحل له و قال أيضا عليه الصلاة و السلام : في جهنم واد فيه حيات كل حية ثخن رقبة البعير تلسع تارك الصلاة فيغلي سمها في جسمه سبعين سنة ثم يتهرى لحمه و إن في جهنم واديا اسمه جب الحزن فيه حيات و عقارب كل عقرب بقدر البغل لها سبعون شوكة في كل شوكة راوية سم ثم تضرب الزاني و تفرغ سمها في جسمه يجد مرارة وجعها ألف سنة ثم يتهرى لحمه و يسيل من فرجه القيح و الصديد ] .
وورد أيضا : أن من زنى بامرأة كانت متزوجة كان عليها و عليه في القبر نصف عذاب هذه الأمة فإذا كان يوم القيامة يحكم الله سبحانه و تعالى زوجها في حسناته هذا إن كان بغير علمه فإن علم و سكت حرم الله عليه الجنة لأن الله تعالى كتب على باب الجنة أنت حرام على الديوث و هو الذي يعلم بالفاحشة في أهله و يسكت و لا يغار .
و ورد أيضا أن من وضع يده على امرأة لا تحل له بشهوة جاء يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه فإن قبلها قرضت شفتاه في النار فإن زنى بها نطقت فخذه و شهدت عليه يوم القيامة و قالت : أنا للحرام ركبت فينظر الله تعالى إليه بغضب فيقع لحم وجهه فيكابر و يقول : ما فعلت فيشهد عليه لسانه فيقول : أنا بما لا يحل نطقت و تقول يداه : أنا للحرام تناولت و تقول عيناه أنا للحرام نظرت و تقول رجلاه : أنا لما لا يحل مشيت و يقول فرجه : أنا فعلت و يقول الحافظ من الملائكة : و أنا سمعت و يقول الآخر : و أنا كتبت و يقول الله تعالى : و أنا اطلعت و سترت ثم يقول الله تعالى : يا ملائكتي خذوه و من عذابي أذيقوه فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني و تصديق ذلك في كتاب الله عز و جل : .
{ يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون } .
و أعظم الزنا الزنا بالأم و الأخت و امرأة الأب و بالمحارم و قد صحح الحاكم : من وقع على ذات محرم فاقتلوه و عن البراء أن خاله بعثه رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يقتله و يخمس ماله فنسأل الله المنان بفضله أن يغفر لنا ذنوبنا إنه جواد كريم