هذا الكلام مسوق لتقرير التوصية التي وصى الله عباده بها وقد استشكل العطف بثم مع كون قصة موسى وإيتائه الكتاب قبل المعطوف عليه وهو ما تقدم من قوله : { ذلكم وصاكم به } فقيل : إن ثم هاهنا بمعنى الواو وقيل تقدير الكلام : ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمد A وقيل المعنى : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ثم أتل إيتاء موسى الكتاب وقيل : إن التوصية المعطوف عليها قديمة لم يزل كل نبي يوصي بها أمته وقيل : إن ثم للتراخي في الإخبار كما تقول : بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت بالأمس أعجب قوله : 154 - { تماما } مفعول لأجله أو مصدر و { على الذي أحسن } قرئ بالرفع وهي قراءة يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق فيكون رفع أحسن على تقدير مبتدأ : أي على الذي هو أحسن ومنه ما حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع : ما أنا بالذي قائل لك شيئا وقرأ الباقون بالنصب على أنه فعل ماض عند البصريين وأجاز الفراء والكسائي أن يكون اسما نعتا للذي وهذا محال عند البصريين لأنه نعت للاسم قبل أن يتم والمعنى عندهم تماما على من أحسن قبوله والقيام به كائنا من كان ويؤيد هذا أن ابن مسعود قرأ : ( تماما على الذين أحسنوا ) وقال الحسن : كان فيهم محسن وغير محسن فأنزل الله الكتاب تماما على المحسنين وقيل المعنى : أعطينا موسى التوراة زيادة على ما كان يحسنه موسى مما علمه الله قبل نزول التوراة عليه وقيل المعنى : تماما على الذي أحسن به الله D إلى موسى من الرسالة وغيرها وقيل : تماما على إحسان موسى بطاعة الله D قاله الفراء قوله : { وتفصيلا لكل شيء } معطوف على تماما : أي ولأجل تفصيل كل شيء وكذا { هدى ورحمة } معطوفتان عليه : أي وللهدى والرحمة والضمير في لعلهم راجع إلى بني إسرائيل المدلول عليه بذكر موسى والباء في { بلقاء } متعلقة بيؤمنون