قوله : 44 - { فلما نسوا ما ذكروا به } أي تركوا ما ذكروا به أو أعرضوا عما ذكروا به لأن النسيان لو كان على حقيقته لم يؤاخذوا به إذ ليس هو من فعلهم وبه قال ابن عباس وابن جريج وأبو علي الفارسي والمعنى : أنهم لما تركوا الاتعاظ بما ذكروا به من البأساء والضراء وأعرضوا عن ذلك { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي لما نسوا ما ذكروا به استدرجناهم بفتح أبواب كل نوع من أنواع الخير عليهم { حتى إذا فرحوا بما أوتوا } من الخير على أنواعه فرح بطر وأشر وأعجبوا بذلك وظنوا أنهم إنما أعطوه لكون كفرهم الذي هم عليه حقا وصوابا : { أخذناهم بغتة } أي فجأة وهم غير مترقبين لذلك والبغتة : الأخذ على غرة من غير تقدمة أمارة وهي مصدر في موضع الحال لا يقاس عليها عند سيبويه قوله : { فإذا هم مبلسون } المبلس : الحزين الآيس من الخير لشدة ما نزل به من سوء الحال ومن ذلك اشتق اسم إبليس يقال : أبلس الرجل إذا سكت وأبلست الناقة إذا لم ترع قال العجاج : .
( صاح هل تعرف رسما مكرسا ... قال نعم أعرفه وأبلسا ) .
أي تحير لهول ما رأى والمعنى : فإذا هم محزونون متحيرون آيسون من الفرح