66 - { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل } أي أقاموا ما فيهما من الأحكام التي من جملتها الإيمان بما جاء به محمد A قوله : { وما أنزل إليهم من ربهم } من سائر كتب الله التي من جملتها القرآن فإنها كلها وإن نزلت على غيرهم فهي في حكم المنزلة عليهم لكونهم متعبدين بما فيها { لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } ذكر فوق وتحت للمبالغة في تيسر أسباب الرزق لهم وكثرتها وتعدد أنواعها قوله : { منهم أمة مقتصدة } جواب سؤال مقدر كأنه قيل هل جميعهم متصفون بالأوصاف السابقة أو البعض دون البعض والمقتصدون منهم هم المؤمنون كعبد الله بن سلام ومن تبعه وطائفة من النصارى { وكثير منهم ساء ما يعملون } وهم المصرون على الكفر المتمردون عن إجابة محمد A والإيمان بما جاء به .
وقد أخرج ابن إسحاق والطبراني في الكبير وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رجل من اليهود يقال له النباش بن قيس : إن ربك بخيل لا ينفق فأنزل الله : { وقالت اليهود يد الله مغلولة } الآية وأخرج أبو الشيخ عنه أنها نزلت في فنحاص اليهودي وأخرج مثله ابن جرير عن عكرمة وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { وقالت اليهود يد الله مغلولة } أي بخيلة وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه نحوه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا } قال : حملهم حسد محمد والعرب على أن تركوا القرآن وكفروا بمحمد ودينه وهم يجدونه مكتوبا عندهم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : { كلما أوقدوا نارا للحرب } قال : حرب محمد A وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية : كلما أجمعوا أمرهم على شيء فرقه الله وأطفأ حدهم ونارهم وقذف في قلوبهم الرعب وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا } قال : آمنوا بما أنزل على محمد واتقوا ما حرم الله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل } قال : العمل بهما وأما ما أنزل إليهم فمحمد A وما أنزل عليه وأما { لأكلوا من فوقهم } فأرسلت عليهم مطرا وأما { من تحت أرجلهم } يقول أنبت لهم من الأرض من رزقي ما يغنيهم { منهم أمة مقتصدة } وهم مسلمة أهل الكتاب وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { لأكلوا من فوقهم } يعني لأرسل عليهم السماء مدرارا { ومن تحت أرجلهم } قال : تخرج الأرض من بركتها وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال : الأمة المقتصدة : الذين لا هم فسقوا في الدين ولا هم غلوا قال : والعلو الرغبة والفسق التقصير عنه وأخرج أبو الشيخ عن السدي { أمة مقتصدة } يقول مؤمنة وأخرج ابن مردويه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا أحمد بن يونس الضبي حدثنا عاصم بن علي حدثنا أبو معشر عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله A فذكر حديثا قال : ثم حدثهم النبي A قال : [ تفرقت أمة موسى على اثنتين وسبعين ملة واحدة منها في الجنة وإحدى وسبعون منها في النار وتفرقت أمة عيسى على اثنتين وسبعين ملة واحدة منها في الجنة وإحدى وسبعون منها في النار تعلو أمتي على الفريقين جميعا ملة واحدة في الجنة وثنتان وسبعون منها في النار قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : الجماعات الجماعات ] قال يعقوب بن زيد : كان علي بن أبي طالب إذا حدث بهذا الحديث عن رسول الله A تلا فيه قرآنا قال : { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم } إلى قوله : { منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون } وتلا أيضا : { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } يعني أمة محمد A قال ابن كثير في تفسيره بعد ذكره لهذا الحديث ما لفظه : وحديث افتراق الأمم إلى بضع وسبعين مروي من طرق عديدة قد ذكرناها في موضع آخر انتهى قلت : أما زيادة كونها في النار إلا واحدة فقد ضعفها جماعة من المحدثين بل قال ابن حزم إنها موضوعة