قوله 129 - { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } أخبر سبحانه بنفي استطاعتهم للعدل بين النساء على الوجه الذي لا ميل فيه ألبتة لما جبلت عليه الطباع البشرية من ميل النفس إلى هذه دون هذه وزيادة هذه في المحبة ونقصان هذه وذلك بحكم الخلقة بحيث لا يملكون قلوبهم ولا يستطيعون توقيف أنفسهم على التسوية ولهذا كان يقول الصادق المصدوق A : [ اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك ] ولما كانوا لا يستطيعون ذلك ولو حرصوا عليه وبالغوا فيه نهاهم D عن أن يميلوا كل الميل لأن ترك ذلك وتجنب الجور كل الجور في وسعهم وداخل تحت طاقتهم فلا يجوز لهم أن يميلوا عن إحداهن إلى الأخرى كل الميل حتى يذروا الأخرى كالمعلقة التي ليست ذات زوج ولا مطلقة تشبيها بالشيء الذي هو معلق غير مستقر على شيء وفي قراءة أبي فتذروها كالمسجونة قوله { وإن تصلحوا } أي : ما أفسدتم من الأمور التي تركتم ما يجب عليكم فيها من عشرة النساء والعدل بينهن { وتتقوا } كل الميل الذي نهيتم عنه { فإن الله كان غفورا رحيما } لا يؤاخذكم بما فرط منكم