ثم ابتدأ فقال : 5 - { سلام هي } أي ما هي إلا سلامة وخير كلها لا شر فيها وقيل هي ذات سلامة من أن يؤثر فيها شيطان في مؤمن أو مؤمنة قال مجاهد : هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أذى وقال الشعبي : هو تسليم الملائكة على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرون على كل مؤمن ويقولون السلام عليك أيها المؤمن وقيل يعني سلام الملائكة بعضهم على بعض قال عطاء : يريد سلام على أولياء الله وأهل طاعته { حتى مطلع الفجر } أي حتى وقت طلوعه قرأ الجمهور { مطلع } بفتح اللام وقرأ الكسائي وابن محيصن بكسرها فقيل هما لغتان في المصدر والفتح أكثر نحو المخرج والمقتل وقيل بالفتح اسم مكان وبالكسر المصدر وقيل العكس وحتى متعلقة يتنزل على أنها غاية لحكم التنزل أي لمكثهم في محل تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجا بعد فوج إلى طلوع الفجر وقيل متعلقة بسلام بناء على أن الفصل بين المصدر ومعموله بالمبتدأ مغتفر .
وقد أخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال : أنزل القرآن في ليلة القدر حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ثم جعل جبريل ينزل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال : العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر وأخرج الترمذي وضعفه وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن الحسن بن علي بن أبي طالب أن النبي A أري بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت { إنا أعطيناك الكوثر } يا محمد يعني نهرا في الجنة ونزلت { إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر } يملكها بعدك بنو أمية قال القاسم فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما والمراد بالقاسم هو القاسم بن الفضل المذكور في إسناده قال الترمذي : إن يوسف هذا مجهول يعني يوسف ين سعد الذي رواه عن الحسن بن علي قال ابن كثير : فيه نظر فإنه قد روى عنه جماعة : منهم حماد بن سلمة وخالد الحذاء ويونس بن عبيد وقال فيه يحيى بن معين : هو مشهور وفي رواية عن ابن معين قال : هو ثقة ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن قال ابن كثير : ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا قال المزي : هو حديث منكر وقول القاسم بن الفضل إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد ولا تنقص ليس بصحيح فإن جملة مدتهم من عند أن استقل بالملك معاوية وهي سنة أربعين إلى أن سلبهم الملك بنو العباس وهي سنة اثنين وثلاثين ومائة مجموعها اثنتان وتسعون سنة وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس نحو ما روي عن الحسن بن علي وأخرج الخطيب عن سعيد بن المسيب مرفوعا مرسلا نحوه وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { سلام } قال : في تلك الليلة تصفد مردة الشياطين وتغل عفاريت الجن وتفتح فيها أبواب السماء كلها ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب فلذا قال : { سلام هي حتى مطلع الفجر } قال : وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر والأحاديث في فضل ليلة القدر كثيرة وليس هذا موضع بسطها وكذلك الأحاديث في تعيينها والاختلاف في ذلك