قال الواحدي : وهذا غير مطرد في قوله : 5 - { فالمدبرات أمرا } لأنه يبعد أن يجعل السبق سببا للتدبر قال الرازي : ويمكن الجواب عما قاله الواحدي : بأنها أمرت سبحت فسبقت فدبرت ما أمرت بتدبيره فتكون هذه أفعالا يتصل بعضها ببعضا كقوله : قالم زيد فذهب ولما سبقوا في الطاعات وسارعوا إليها ظهرت أمانتهم ففوض إليهم التدبير ويجاب عنه بأن السبق لا يكون سببا للتدبير كسببية السبح للسبق والقيام للذهاب ومجرد الاتصال لا يوجب السببية والمسببية والأولى أن يقال العطف بالفاء في المدبرات طوبق به ما قبله من عطف السابقات بالفاء ولا يحتاج إلى نكتة كما احتاج إليها ما قبله لأن النكتة إنما تطلب لمخالفة اللاحق للسابق لا لمطابقته وموافقته { فالمدبرات أمرا } قال القشيري : أجمعوا على أن المراد هنا الملائكة وقال الماوردي : فيه قولان : أحدهما الملائكة وهو قول الجمهور والثاني أنها الكواكب السبع حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل وفي تدبيرها الأمر وجهان : أحدهما تدبر طلوعها وأفولها الثاني تدبر ما قضاه فيها من الأحوال ومعنى تدبير الملائكة للأمر نزولها بالحلال والحرام وتفصيلهما والفاعل للتدبير في الحقيقة وإن كان هو الله D لكن لما نزلت الملائكة به وصفت به وقيل إن الملائكة لما أمرت بتدبير أهل الأرض في الرياح والأمطار وغير ذلك قيل لها مدبرات قال عبد الرحمن بن ساباط : تدبير أمر الدنيا إلى أربعة من الملائكة : جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبات وأما عزرائيل فموكل بقبض الأنفس وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم وجواب القسم بهذه الأمور التي أقسم الله بها محذوف : أي والنازعات وكذا وكذا لتبعثن قال الفراء : وحذف لمعرفة السامعين به ويدل عليه قوله : { أإذا كنا عظاما نخرة } وقيل إن جواب القسم قوله : { إن في ذلك لعبرة لمن يخشى } أي إن في يوم القيامة وذكر موسى وفرعون لعبرة لمن يخشى قال ابن الأنباري : وهذا قبيح لأن الكلام قد طال بينهما وقيل جواب القسم { هل أتاك حديث موسى } لأن المعنى : قد أتاك وهذا ضعيف جدا وقيل الجواب