ثم شبه الشرر باعتبار لونه فقال : 33 - { كأنه جمالة صفر } وهي جمع جمال وهي الإبل أو جمع جمالة قرأ الجمهور { جمالة } بكسر الجيم وقرأ حمزة والكسائي وحفص { جمالة } جمع جمل وقرأ ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وأبو رجاء جمالات بضم الجيم وهي حبال السفن قال الواحدي : والصفر معناها السود في قول المفسرين قال الفراء : الصفر سواد الإبل لا يرى أسود من الإبل إلا وهو مشرب صفرة لذلك سمت العرب سود الإبل صفرا قيل والشرر إذا تطاير وسقط وفيه من لون النار أشبه شيء بالإبل السود ومنه قول الشاعر : .
( تلك خيلي وتلك ركابي ... هن صفر أولادها كالزبيب ) .
أي هن سود قيل وهذا القول محال في اللغة أن يكون شيء يشوبه شيء قليل فينسب كله إلى ذلك الشائب فالعجب لمن قال بهذا وقد قال تعالى : { جمالة صفر } وأجيب بأن وجهه أن النار خلقت من النور فهي مضيئة فلما خلق الله جهنم وهي موضع النار حشي ذلك الموضع بتلك النار وبعث إليها سلطانه وغضبه فاسودت من سلطانه وازدادت سوادا وصارت أشد سوادا من كل شيء فيكون شررها أسود لأنه من نار سوداء .
قلت : وهذا الجواب لا يدفع ما قاله القائل لأن كلامه باعتبار ما قوع في الكتاب العزيز هنا من وصفها بكونها صفراء فلو كان الأمر كما ذكره المجيب من اسوداد النار واسوداد شررها لقال الله : كأنها جمالات سود ولكن إذا كانت العرب تسمي الأسود أصفر لم يبق إشكال لأن القرآن نزل بلغتهم وقد نقل الثقات عنهم ذلك فكان ما في القرآن هنا واردا على هذا الاستعمال العربي