ثم ذكر الله سبحانه حالهم عند معاينة العذاب فقال : 27 - { فلما رأوه زلفة } يعني رأوا العذاب قريبا وزلفة مصدر بمعنى الفاعل : أي مزدلفا أو حال من مفعول رأوا بتقدير مضاف : أي ذا زلفة وقرب أو ظرف : أي رأوه في مكان ذي زلفة قال مجاهد : أي قريبا وقال الحسن : عيانا قال أكثر المفسرين : المراد عذاب يوم القيامة وقال مجاهد : المراد عذاب بدر وقيل رأوا ما وعدوا به من الحش قريبا منهم كما يدل عليه قوله : { وإليه تحشرون } وقيل لما رأوا عملهم السيء قريبا { سيئت وجوه الذين كفروا } أي اسودت وعلتها الكآبة وغشيتها الذلة يقال ساء الشيء يسوء فهو سيىء إذا قبح قال الزجاج : المعنى تبين فيها السوء : أي ساءهم ذلك العذاب فظهر عليهم بسببه في وجوههم ما يدل على كفرهم كقوله : { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } قرأ الجمهور بكسر السين بدون إشمام وقرأ نافع وابن عامر والكسائي وابن محيصن بالإشمام { وقيل هذا الذي كنتم به تدعون } أي قيل لهم توبيخا وتقريعا هذا المشاهد الحاضر من العذاب هو العذاب الذي كنتم به تدعون في الدنيا : أي تطلبونه وتستعجلون به استهزاء على أن معنى تدعون الدعاء قال الفراء : تدعون من الدعاء : أي تتمنون وتسألون وبهذا قال الأكثر من المفسرين وقال الزجاج : هذا الذي كنتم به تدعون الأباطيل والأحاديث وقيل معنى تدعون : تكذبون وهذا على قراءة الجمهور { تدعون } بالتشديد فهو إما من الدعاء كما قال الأكثر أو من الجعوى كما قال الزجاج ومن وافقه والمعنى : أنهم كانوا يدعون أنه لا بعث ولا حشر ولا جنة ولا نار وقرأ قتادة وابن أبي إسحاق ويعقوب والضحاك : { تدعون } مخففا ومعناها ظاهر قال قتادة : هو قولهم { ربنا عجل لنا قطنا } وقال الضحاك : هو قولهم { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } الآية قال النحاس : تدعون وتدعون بمعنى واحد كما تقول قدر واقتدر وغدا واغتدى إلا أن أفعل معناه مضى شيئا بعد شيء وفعل يقع على القليل والكثير