والإشارة بقوله : 6 - { ذلك } إلى ما ذكر من العذاب في الدارين وهو مبتدأ وخبره { بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } أي بسبب أنها كانت تأتيهم الرسل المرسلة إليهم بالمعجزات الظاهرة { فقالوا أبشر يهدوننا } أي قال كل قوم منهم لرسولهم هذا القول منكرين أن يكون الرسول من جنس البشر متعجبين من ذلك وأراد بالبشر الجنس ولهذا قال يهدوننا { فكفروا وتولوا } أي كفروا بالرسل وبما جاءوا به وأعرضوا عنهم ولم يتدبروا فيما جاءوا به وقيل كفروا بهذا القول الذي قالوه للرسل { واستغنى الله } عن إيمانهم وعبادتهم وقال مقاتل : استغنى الله بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه من المعجزات وقيل استغنى بسلطانه عن طاعة عباده { والله غني حميد } أي غير مختاج إلى العالم ولا إلى عبادتهم له محمود من كل مخلوقاته بلسان المقال والحال .
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله A : [ إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الرب فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله ما هو قاض فيقول : أشقي أم سعيد ؟ فيكتب ما هو لاق وقرأ أبو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات إلى قوله : { وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير } ] وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله A : [ العبد يولد مؤمنا ويعيش مؤمنا ويموت مؤمنا والعبد يولد كافرا ويعيش كافرا ويموت كافرا وإن العبد يعمل برهة من دهره بالسعادة ثم يدركه ما كتب له فيموت شقيا وإن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاء ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيدا ]