ثم حض سبحانه المؤمنين على نصرة دينه فقال : 14 - { يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله } أي دوموا على ما أنتم عليه من نصرة الدين قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع { أنصار الله } بالتنوين وترك الإضافة وقرأ الباقون بالإضافة والرسم يحتمل القراءتين معا واختار أبو عيد قراءة الإضافة لقوله { نحن أنصار الله } بالإضافة { كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله } أي انصروا دين الله مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى { من أنصاري إلى الله } قالوا { نحن أنصار الله } والكاف في كما قال نعت مصدر محذوف تقديره : كونوا كونا كما قال وقيل الكاف في محل نصب على إضمار الفعل وقيل هو كلام محمول على معناه دون لفظه والمعنى : كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم من أنصاري إلى الله وقوله : { إلى الله } قيل إلى بمعنى مع : أي من أنصاري مع الله وقيل التقدير : من أنصاري فيما يقرب إلى الله وقيل التقدير : من أنصاري متوجها إلى نصرة الله وقد تقدم الكلام على هذا في سورة آل عمران والحواريون هم أنصار المسيح وخلص أصحابه وأول من آمن به وقد تقدم بيانهم { فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة } أي آمنت طائفة بعيسى وكفرت به طائفة وذلك لأنهم لما اختلفوا بعد رفعه تفرقوا وتقاتلوا { فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم } أي قوينا المحقين منه على المبطلين { فأصبحوا ظاهرين } أي عالين غالبين وقيل المعنى : فأيدنا الآن المسلمين على الفرقتين جميعا .
وقد أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالوا : لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله ؟ فنزلت { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم } فكرهوا فنزيت { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } إلى قوله : { بنيان مرصوص } وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : { يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله } قال : قد كان ذلك بحمد الله جاءه سبعون رجلا فبايعوه عند العقبة وآووه ونصروه حتى أظهر الله دينه وأخرج ابن إسحاق وابن سعد عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : [ قال رسول الله A للنفر الذين لقوه بالعقبة : أخرجوا إليه اثني عشر منكم يكونون كفلاء على قومهم كما كفلت الحواريون لعيسى ابن مريم ] وأخرج ابن سعد عن محمود بن لبيد قال : [ قال رسول الله A للنقباء : إنكم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل قومي قالوا نعم ] وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس { فأيدنا الذين آمنوا } قال : فقوينا الذين آمنوا وأخرج ابن أبي حاتم عنه فأيدنا الذين آمنوا بمحمد A وأمته على عدوهم فأصبحوا اليوم ظاهرين