13 - { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم } هم جميع طوائف الكفر وقيل اليهود خاصة وقيل المنافقون خاصة وقال الحسن : اليهود والنصارى والأول أولى لأن جميع طوائف الكفر تتصف بأن الله سبحانه غضب عليها { قد يئسوا من الآخرة } من لابتداء الغاية : أي أنهم لا يوقنون بالآخرة البتة بسبب كفرهم { كما يئس الكفار من أصحاب القبور } أي كيأسهم من بعث موتاهم لاعتقادهم عدم البعث وقيل كما يئس الكفار الذين قد ماتوا منهم من الآخرة لأنهم قد وقفوا على الحقيقة وعلموا أنه لا نصيب لهم في الآخرة فتكون من على الوجه الأول ابتدائية وعلى الثانية بيانية والأول أولى .
وقد أخرج البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن رسول الله A لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء مسلمات فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات } حتى بلغ { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك وأخرجه أيضا من حديثهما بأطول من هذا وفيه كانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله A وهي عاتق فجاء أهلها يسألون رسول الله A يرجعها إليهم حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { فامتحنوهن } قال : كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإذا علموا أن ذلك حقا منهن لم يرجعن إلى الكفار وأعطى بعلها في الكفار الذين عقد لهم رسول الله A صداقها الذي أصدقها وأحلهن للمؤمنين إذا آتوهن أجورهن وأخرج ابن مردويه عنه قال : نهزلت سورة الممتحنة بعد ذلك الصلح فكان من أسلم من نسائهم فسئلت ما أخرجك ؟ فإن كانت خرجت فرارا من زوجها ورغبة عنه ردت وإن كانت خرجت رغبة في الإسلام أمسكت ورد على زوجها مثل ما أنفق وأخرج ابن أبي أسامة والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير وانب مردويه بسند حسن كما قال السيوطي عن ابن عباس في قوله : { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن } قال : كان إذا جاءت المرأة النبي A حلفها عمر بن الخطاب بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض وبالله ما خرجت من بغض زوج وبالله ما خرجت التماس دنيا وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله وأخرج ابن منيع من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : أسلم عمر بن الخطاب وتأخرت امرأته في المشركين فأنزل الله : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة أن رسول الله A كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } إلى قوله : { غفور رحيم } فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله A : قد بايعتك كلاما والله ما مست يده يد امرأة قط من المبايعات ما بايعهن إلا بقوله : قد بايعتك على ذلك وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعيد وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أميمة بنت رقيقة قالت : [ أتيت النبي A في نساء لنبايعه فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئا حتى بلغ { ولا يعصينك في معروف } فقال : فيما استطعتن وأطقتن فقلنا : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا يا رسول الله ألا تصافحنا ؟ قال : إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ] وفي الباب أحاديث وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عبادة بن الصامت قال : كنا عند النبي A فقال : [ بايعوني على أن لا تشركون بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا وقرأ آية النساء فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ] وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريح عن ابن عباس في قوله : { ولا يأتين ببهتان يفترينه } قال : كانت الحرة تولد لها الجارية فتجعل مكانها غلاما وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في الآية قال لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن { ولا يعصينك في معروف } قال : إنما هو شرط شرطه الله للنساء وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة الأنصارية قالت : [ قالت امرأة من النسوة ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه ؟ قال : لا تنحن قلت : يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي لا بد لي من قضائهن فأبى علي فعاودته مرارا فأذن لي في قضائهن فلم أنح بعد ولم يبق من النسوة إلا وقد ناحت غيري ] وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أم عطية قالت : [ بايعنا رسول الله A فقرأ علينا أن لا نشرك بالله شيئا ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة منا يدها فقالت : يا رسول الله إن فلانة أسعدتني وأنا أريد أن أجزيها فلم يقل لها شيئا فذهبت ثم رجعت فقالت : ما وفت منا امرأة إلا أم سليم وأم العلاء وبنت أبي سبرة امرأة معاذ أو بنت أبي سبرة وامرأة معاذ ] وقد وردت أحاديث كثيرة في النهي عن النوح وأخرج أبو إسحاق وابن المنذر عن ابن عباس قال : كان عبد الله بن عمرو وزيد بن الحارث يودان رجلا من اليهود فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم } الآية وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله : { قد يئسوا من الآخرة } قال : فلا يؤمنون بها ولا يرجونها كما يئس الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطلع عليه وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : هم الكفار أصحاب القبور الذين يئسوا من الآخرة وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال : من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم الله