ثم لما ذكر سبحانه ما ينبغي للمؤمنين من معاداة الكفار وترك موادتهم فصل القول فيمن يجوز بره منهم ومن لا يجوز فقال : 8 - { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم } أي لا ينهاكم عن هؤلاء { أن تبروهم } هذا بدل من الموصول بدل اشتمال وكذا قوله : { وتقسطوا إليهم } يقال أقسطت إلى الرجل : إذا عاملته بالعدل قال الزجاج : المعنى وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد { إن الله يحب المقسطين } أي العادلين ومعنى الآية : أن الله سبحانه لا ينهى عن بر أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال وعلى أن لا يظاهروا الكفار عليهم ولا ينهى عن معاملتهم بالعدل قال ابن زيد : كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتار ثم نسخ قال قتادة : نسختها { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وقيل هذا الحكم كان ثابتا في الصلح بين النبي A وبين قريش فلما زال الصلح بفتح مكة نسخ الحكم وقيل هي خاصة في حلفاء النبي A ومن بينه وبينه عهد قاله الحسن وقال الكلبي : هم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف وقال مجاهد : هي خاصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا وقيل هي خاصة بالنساء والصبيان وحكى القرطبي عن أكثر أهل التأويل أنها محكمة