ثم أخبر سبحانه بمزيد فشلهم وضعف نكايتهم فقال : 14 - { لا يقاتلونكم جميعا } يعني لا يبرز اليهود والمنافقون مجتمعين لقتالكم ولا يقدرون على ذلك { إلا في قرى محصنة } بالدروب والدور { أو من وراء جدر } أي من خلف الحيطان التي يستترون بها لجبنهم ورهبتهم قرأ الجمهور { جدر } بالجمع وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن وابن كثير وأبو عمرو { جدار } بالإفراد واختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم لأنها موافقة لقوله قرى محصنة وقرأ بعض المكيين جدر بفتح الجيم وإسكان الدال وهي لغة في الجدار { بأسهم بينهم شديد } أي بعضهم غليظ فظ على بعض قلوبهم مختلفة ونياتهم متباينة قال السدي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد وقال مجاهد : بأسهم بينهم شديد بالكلام والوعيد ليفعلن كذا والمعنى : أنهم إذا انفردوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس وإذا لاقوا عدوا ذلوا وخضعوا وانهزموا وقيل المعنى أن بأسهم بالنسبة إلى أقرانهم شديد وإنما ضعفهم بالنسبة إليكم لما قذف الله في قلوبهم من الرعب والأول أولى لقوله : { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } فإنه يدل على أن اجتماعهم إنما هو في الظاهر مع تخالف قلوبهم في الباطن وهذا التخالف هو البأس الذي بينهم الموصوف بالشدة ومعنى شتى متفرقة قال مجاهد : يعني اليهود والمنافقين تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى وروي عنه أيضا أنه قال : المراد المنافقون وقال الثوري : هم المشركون وأهل الكتاب قال قتادة : تحسبهم جميعا : أي مجتمعين على أمر ورأي وقلوبهم شتى متفرقة فأهل الباطل مختلفة آراؤهم مختلفة شهادتهم مختلفة أهواؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق وقرأ ابن مسعود وقلوبهم أشت أي أشد اختلافا { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } أي ذلك الاختلاف والتشتت بسب أنهم قوم لا يعقلون شيئا ولو عقلوا لعرفوا الحق واتبعوه