قوله 10 - { إن الذين يأكلون أموال اليتامى } استئناف يتضمن النهي عن ظلم الأيتام من الأولياء والأوصياء وانتصاب قوله { ظلما } على المصدرية : أي أكل ظلم أو على الحالية : أي ظالمين لهم قوله { إنما يأكلون في بطونهم نارا } أي : ما يكون سببا للنار تعبيرا بالمسبب عن السبب وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية وقوله { وسيصلون } قراءة عاصم وابن عامر بضم الياء على ما لم يسم فاعله وقرأ أبو حيوة بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام من التصلية بكثرة الفعل مرة بعد أخرى وقرأ الباقون بفتح الياء من صلى النار يصلاها والصلى هو التسخن بقرب النار أو مباشرتها ومنه قول الحارث بن عباد : .
( لم أكن من جناتها علم اللـ ... ه وإني لحرها اليوم صالي ) .
والسعير : الجمر المشتعل .
وقد أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الصغار حتى يدركوا فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيرا فجاء ابنا عمه وهما عصبته إلى رسول الله A فأخذا ميراثه كله فجاءت امرأته إلى رسول الله A فنزلت الآية فأرسل إليهما رسول الله فقال : لا تحركا من الميراث شيئا فإنه قد أنزل علي شيء احترت فيه إن للذكر والأنثى نصيبا ثم نزل بعد ذلك { ويستفتونك في النساء } وثم نزل { يوصيكم الله في أولادكم } فدعا بالميراث فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أم كلثوم ابنة أم كحلة أو أم كحة وثعلبة بن أوس وسويد وهم من الأنصار كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت : يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث من ماله فقال عم ولدها : يا رسول الله لا يركب فرسا ولا ينكي عدوا ويكسب عليها ولا يكتسب فنزلت وأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في قوله تعالى { وإذا حضر القسمة } قال : هي محكمة وليست بمنسوخة وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن خطاب بن عبد الله في هذه الآية قال : قضى بها أبو موسى وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن الحسن والزهري قالا : هي محكمة ما طابت به أنفسهم وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : يرضخ لهم فإن كان في ماله تقصير اعتذر إليهم فهو قولا معروفا وأخرج ابن المنذر عن عائشة أنها لم تنسخ وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم أن هذه الآية منسوخة بآية الميراث وأخرج أبو داود في ناسخه وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : هي منسوخة وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : إن كانوا كبارا يرضخوا وإن كانوا صغارا اعتذروا إليهم وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه في قوله { وليخش الذين لو تركوا } قال : هذا في الرجل يحضر الرجل عند موته فيسمعه يوصي وصية تضر بورثته فأمر الله الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع لورثته إذا خشي عليهم الضيعة وقد روي نحو هذا من طرق وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم عن أبي برزة عن رسول الله A قال : [ يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا فقيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : ألم تر أن الله يقول { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا } ] ؟ وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : حدثنا النبي A عن ليلة أسري به قال : [ نظرت فإذا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار فيقذف في في أحدهم حتى يخرج من أسافلهم ولهم جؤار وصراخ فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء { الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } ] وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال : هذه الآية لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم ويأكلون أموالهم