لما فرغ سبحانه من تعداد النعم الدنيوية على الثقلين ذكر نعمه الأخروية التي أنعم بها عليهم : فقال : 46 - { ولمن خاف مقام ربه جنتان } مقامه سبحانه هو الموقف الذي يقف فيه العباد للحساب كما في قوله : { يوم يقوم الناس لرب العالمين } فالمقام مصدر بمعنى القيام وقيل المعنى خاف قيام ربه عليه وهو إشرافه على أحواله واطلاعه على أفعاله وأقواله كما في قوله : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } قال مجاهد والنخعي : هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من خوفه .
واختلف في الجنتين فقال مقاتل : يعني جنة عدن وجنة النعيم وقيل إحداهما التي خلقت له والأخرى ورثها وقيل إحداهما منزله والأخرى منزله أزواجه وقيل إحداهما أسافل القصور والأخرى أعاليها وقيل جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني وقيل جنة لفعل الطاعة وأخرى لترك المعصية وقيل جنة للعقيدة التي يعتقدها وأخرى للعمل الذي يعمله وقيل جنة بالعمل وجنة لتركه شهوته وقال الفراء : إنما هي جنة واحدة والتثنية لأجل موافقة رؤوس الآي قال النحاس : وهذا القول من أعظم الغلظ على كتاب الله فإن الله يقول : { جنتان } ويصفهما بقوله فيهما الخ