8 - { فضلا من الله ونعمة } أي لأجل فضله وإنعامه والمعنى : أنه حبب إليكم ما حبب وكره ماكره لأجل فضله وإنعامه أو جعلكم راشدين لأجل ذلك وقيل النصب بتقدير فعل : أي تبتغون فضلا ونعمة { والله عليم } بكل معلوم { حكيم } في كل ما يقضي به بين عباده ويقدر لهم .
وقد أخرج البخاري وغيره عن عبد الله بن الزبير قال : [ قدم ركب من بني تميم على النبي A فقال أبو بكر : أمر القعقاع بن معبد وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس فقل أبو بكر ما أردت إلا خلافي فقال عمر : ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } حتى انقضت الآية ] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } قال : نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه وأخرج ابن مردويه عن عائشة في الآية قالت : لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم وأخرج البخاري في تاريخه عنها قالت : كان أناس يتقدمون بين يدي رمضان بصيام : يعني يوما أو يومين فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } وأخرج الطبراني وابن مردويه عنها أيضا أن ناسا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي A فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا } الآية وأخرج البزار وابن عدي والحاكم وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال : أنزلت هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } قلت : يا رسول الله : والله لا أكلمك إلا كأخي السرار وفي إسناده حصين بن عمر وهو ضعيف ولكنه يؤيده ما أخرجه عبد بن حميد والحاكم وصححه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال : لما نزلت { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله } قال أبو بكر : والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : [ لما نزلت { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } إلى قوله : { وأنتم لا تشعرون } وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله A حبط عملي أنا من أهل النار وجلس في بيته حزينا ففقده رسول الله A فانطلق بعض القوم إليه فقالوا : فقدك رسول الله A مالك ؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي وأجهر له بالقول حبط عملي أنا من أهل النار فأتوا النبي A فأخبروه بذلك فقال : لا بل هو من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة قتل ] وفي الباب أحاديث بمعناه وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في قوله : { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } الآية : قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس : وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة في قوله : { أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } قال : قال رسول الله A : منهم ثابت بن قيس بن شماس وأخرج أحمد وابن جرير وأبو القاسم والغوي والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند صحيح من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس [ أنه أتى النبي A فقال : يا محمد اخرج إلينا فلم يجبه فقال : يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال ذاك الله فأنزل الله : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } ] قال ابن منيع : لا أعلم روى الأقرع مسندا غير هذا وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب في قوله : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } قال : جاء رجل فقال : يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال النبي A : ذاك الله وأخرج ابن راهويه ومسدد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بإسناد حسن عن زيد بن أرقم قال : اجتمع ناس من العرب فقالوا : انطلقوا إلى هذا الرجل فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به وإن يك ملكا نعش بجناحه فأتيت النبي A فأخبرته بما قالوا فجاءوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه يا محمد يا محمد فأنزل الله : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون } فأخذ رسول الله A بأذني وجعل يقول : لقد صدق الله قولك يا زيد لقد صدق الله قولك يا زيد وفي الباب أحاديث وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه قال السيوطي بسند جيد عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال : قدمت على رسول الله A فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته وترسل إلي يا رسول الله رسولا لإبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله A أن يبعث إليه احتبس الرسول فلم يأت فظن الحارث أن قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله فدعا سروات قومه فقال لهم : إن رسول الله A كان وقت لي وقتا يرسل إلي رسوله إلى من سخطة فانطلقوا فنأتي رسول الله وبعث رسول الله A الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع فأتى رسول الله A فقال : إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله A البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا هذا الحارث ؟ فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم ؟ قالوا إليك قال ولم ؟ قالوا : إن رسول الله A بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله قال : لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني فلما دخل الحارث على رسول الله A قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟ قال : لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسزل رسول الله A خشيت أن تكون كانت سخطة من الله ورسوله فنزل : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ } إلى قومه : { حكيم } قال ابن كثير : هذا من أحسن ما روي في سبب نزول الآية وقد رويت روايات كثيرة متفقة على أنه سبب نزول الآية وأنه المراد بها وإن اختلفت القصص