8 - { قل ما كنت بدعا من الرسل } البدع من كل شيء المبدأ : أي ما أنا بأول رسول قد بعث الله قبلي كثيرا من الرسل قيل البدع بمعنى البديع كالخف والخفيف والبديع ما لم ير له مثل من الابتداع وهو الاختراع وشيء بدع بالكسر : أي مبتدع وفلان بدع في هذا الأمر : أي بديع كذا قال الأخفش وأنشد قطرب : .
( فما أنا بدع من حوادث تعتري ... رجالا غدت من بعد موسى وأسعدا ) .
وقرأ عكرمة وأبو حيوة وابن أبي عبلة { بدعا } بفتح الدال على تقدير حذف المضاف : أي ما كنت ذا بدع وقرأ مجاهد بفتح الباب وكسر الدال على الوصف { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } أي ما يفعل بي فيما يستقبل من الزمان هل أبقى في مكة أو أخرج منها ؟ وهل أموت أو أقتل ؟ وهل تعجل لكم العقوبة أم تمهلون ؟ وهذا إنما هو في الدنيا وأما في الآخرة فقد علم أنه وأمته في الجنة وأن الكافرين في النار وقيل إن المعنى : ما أدري ما يفعل بي ولا يكم يوم القيامة وإنها لما نزلت فرح المشركون وقالوا : كيف نتبع نبيا لا يدري ما يفعل به ولا بنا وأنه لا فضل له علينا ؟ فنزل قوله تعالى : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } والأول أولى { إن أتبع إلا ما يوحى إلي } قرأ الجمهور { يوحى } مبينا للمفعول : أي ما أتبع إلا القرآن ولا أبتدع من عندي شيئا والمعنى : قصر أفعاله A على الوحي لا قصر اتباعه على الوحي { وما أنا إلا نذير مبين } أي أنذركم عقاب الله وأخوفكم عذابه على وجه الايضاح .
وقد أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريف أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس { أو أثارة من علم } قال : الخط قال سفيان : لا أعلم إلا عن النبي A يعني أن الحديث مرفوع لا موقوف على ابن عباس وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A : [ كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم ] ومعنى هذا ثابت في الصحيح ولأهل العلم فيه تفاسير مختلفة ومن أين لنا أن هذه الخطوط الرملية موافقة لذلك الخط وأين السند الصحيح إلى ذلك النبي أو إلى نبينا A أن هذا الخط هو على صورة كذا فليس ما يفعله أهل الرمل إلا جهالات وضلالات وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي A : { أو أثارة من علم } قال : حسن الخط وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم من طريق الشعبي عن ابن عباس : { أو أثارة من علم } قال : خط كان يخطه العرب في الأرض وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { أو أثارة من علم } يقول : بينة من الأمر وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في قوله : { قل ما كنت بدعا من الرسل } يقول لست بأول الرسل { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } فأنزل الله بعد هذا { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } وقوله : { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات } الآية فأعلم سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميا وأخرج أبو داود في ناسخه عنه أيضا أن هذه الآية منسوخة بقوله : { ليغفر لك الله } وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أم العلاء قالت : [ لما مات عثمان بن مظعون قلت : رحمك الله أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله A : وما يدريك أن الله أكرمه ؟ أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم قالت أم العلاء : فوالله لا أزكي بعده أحدا ]