وقوله 117 - { مثل ما ينفقون } بيان لعدم إغناء أموالهم التي كانوا يعولون عليها والصبر : البرد الشديد أصله من الصرير الذي هو الصوت / فهو صوت الريح الشديد وقال الزجاج : صوت لهب النار التي في تلك الريح ومعنى الآية : مثل نفقة الكافرين في بطلانها وذهابها وعدم منفعتها كمثل زرع أصابه ريح باردة أو نار فأحرقته أو أهلكته فلم ينتفع أصحابه بشيء منه بعد أن كانوا على طمع من نفعه وفائدته وعلى هذا فلا بد من تقدير في جانب المشبه به فيقال : كمثل زرع أصابته ريح فيها صر أو مثل إهلاك ما ينفقون كمثل إهلاك ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم { وما ظلمهم الله } أي المنفقين من الكافرين { ولكن أنفسهم يظلمون } بالكفر المانع من قبول النفقة التي أنفقوها وتقديم المفعول لرعاية الفواصل لا للتخصيص لأن الكلام في الفعل باعتبار تعلقه بالفاعل لا بالمفعول .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن ابن عباس قال : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد وتبعه إلا شرارنا ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله { ليسوا سواء } الآية وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه { أمة قائمة } يقول : مهتدية قائمة على أمر الله لم تنزع عنه ولم تتركه الآخرون وضيعوه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم قال { أمة قائمة } عادلة وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { آناء الليل } قال : جوف الليل وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : ساعات الليل وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله { ليسوا سواء } قال : لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد { يتلون آيات الله آناء الليل } قال : صلاة العتمة هم يصلونها ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها وأخرج أحمد والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني قال السيوطي بسند حسن عن ابن مسعود قال : [ أخر رسول الله A صلاة العشاء ليلة ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ] ولفظ ابن جرير والطبراني فقال : إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب قال : وأنزلت هذه الآية { ليسوا سواء } وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن منصور قال : بلغني أنها نزلت هذه الآية { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } فيما بين المغرب والعشاء وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { فلن يكفروه } قال : لن يضل عنكم وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن { فلن يكفروه } قال : لن تظلموه وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول { مثل ما ينفقون } أي المشركون ولا يتقبل منهم كمثل هذا الزرع إذا زرعه القوم الظالمون فأصابه ريح فيها صر فأهلكته فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { فيها صر } قال : برد شديد