ثم جادل من بعد ذلك مفتريا على الله الكذب ثم لما كان ما يفترونه من الكذب بعد قيام الحجة عليهم بكتابهم باطلا مدفوعا وكان ما قصه الله سبحانه في القرآن وصدقته التوراة صحيحا صادقا وكان ثبوت هذا الصدق بالبرهان الذي لا يستطيع الخصم دفعه أمر الله سبحانه نبيه A بأن ينادي بصدق الله بعد أن سجل عليهم الكذب فقال 95 - { قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم } أي : ملة الإسلام التي أنا عليها وقد تقدم بيان معنى الحنيف وكأنه قال لهم : إذا تبين لكم صدقي وصدق ما جئت به فادخلوا في ديني فإن من جملة ما أنزل الله علي { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } .
وقد أخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس [ أن اليهود قالوا للنبي A : فأخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال : كان يسكن البدو فاشتكى عرق النساء فلم يجد شيئا يلائمه إلا تحريم الإبل وألبانها فلذلك حرمها قالوا : صدقت ] وذكر الحديث وأخرجه أيضا أحمد والنسائي وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في الآية قال : العرق أجده عرق النساء فكان يبيت له زق يعني صياح فجعل لله عليه إن شفاه أن لا يأكل لحما فيه عرق فحرمته اليهود وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس من قوله ما أخرجه الترمذي سابقا عنه مرفوعا وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول : الذي حرم إسرائيل على نفسه زائدتا الكبد والكليتان والشحم إلا ما كان على الظهر واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : قالت اليهود للنبي A نزلت التوراة بتحريم الذي حرم إسرائيل فقال الله لمحمد A { قل فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين } وكذبوا ليس في التوارة