ثم دعوا عليهم في ذلك الموقف فقالوا : 68 - { ربنا آتهم ضعفين من العذاب } أي مثل عذابنا مرتين وقال قتادة : عذاب الدنيا والآخرة وقيل عذاب الكفر وعذاب الإضلال { والعنهم لعنا كبيرا } قرأ الجمهور { كثيرا } بالمثلثة : أي لعنا كثير العدد عظيم القدر شديد الموقع واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد والنحاس وقرأ ابن مسعود وأصحابه ويحيى بن وثاب وعاصم بالباء الموحدة : أي كبيرا في نفسه شديدا عليهم ثقيل الموقع .
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قال : [ خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين ؟ قال : فانكفأت راجعة ورسول الله A في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت وقالت : يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا فأوحى إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال : إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ] وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كان نسا النبي A يخرجن لحاجتهن وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين فقيل ذلك للمنافقين فقالوا : إنما نفعله بالإماء فنزلت هذه { يا أيها النبي قل لأزواجك } الآية وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين ويؤذيهن فإذا قيل له قال كنت أحسبها أمة فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا أحدى عينيها { ذلك أدنى أن يعرفن } يقول : ذلك أحرى أن يعرفن وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال : أمر الله نساء المؤمنات إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية { يدنين عليهن من جلابيبهن } خرج نساء الأنصار كأن رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها هكذا في الزوائد بلفظ من السكينة وليس لها معنى فإن المراد تشبيه الأكسية السود بالغربان لا أن المراد وصفهن بالسكينة كما يقال : كأن على رؤوسهم الطير وأخرج ابن مردويه وعن عائشة قالت : رحم الله نساء الأنصار لما نزلت { يا أيها النبي قل لأزواجك } الآية شققن مروطهن فاعجرن بها وصلين خلف رسول الله A كأنما على رؤوسهن الغربان وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : كانت الحرة تلبس لباس الأمة فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن وإدناء الجلباب أن تقنع وتشده على جبينها وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب في قوله : { لئن لم ينته المنافقون } يعني المنافقين بأعيانهم { والذين في قلوبهم مرض } شك : يعني المنافقين أيضا وأخرج ابن سعد أيضا عن عبيد بن جبير قال : { الذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة } هم المنافقون جميعا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { لنغرينك بهم } قال : لنسلطنك عليهم