22 - { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها } أي لا أحد أظلم منه لكونه سمع من آيات الله ما يوجب الإقبال على الإيمان والطاعة فجعل الإعراض مكان ذلك والمجيء بثم للدلالة على استبعاد ذلك وأنه مما ينبغي أن لا يكون { إنا من المجرمين منتقمون } أي من أهل الإجرام على العموم فيدخل فيه من أعرض عن آيات الله دخولا أوليا .
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { إنا نسيناكم } قال : تركناكم وأخرج البيهقي في الشعب عنه قال : نزلت هذه الآية في شأن الصلوات الخمس { إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا } أي أتوها { وسبحوا } أي صلوا بأمر ربهم { وهم لا يستكبرون } عن إتيان الصلاة في الجماعات وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أنس بن مالك أن هذه الآية { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عنه قال : نزلت في صلاة العشاء وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم ابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العشاء وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن مردويه عنه أيضا قال : ما رأيت رسول الله A راقدا قط قبل العشاء ولا متحدثا بعدها فإن هذه الآية نزلت في ذلك { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي A قال : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } قال : هم الذين لا ينامون قبل العشاء فأثنى عليهم فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه فوقتها قبل أن ينام الصغير ويكسل الكبير وأخرج ابن مردويه عن بالا قال : كنا نجلس في المسجد وناس من أصحاب رسول الله A يصلون بعد المغرب العشاء تتجافى جنوبهم عن المضاجع وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن عدي وابن مردويه عن أنس نحوه وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس في قوله : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } قال : كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه عن معاذ بن جبل : [ عن النبي A في قوله : { تتجافى جنوبهم } قال : قيام العبد من الليل ] وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وابن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل عن النبي A وذكر حديثا وأرشد فيه إلى أنواع من الطاعات وقال فيه [ وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } ] وأخرج ابن مردويه عن أنس في الآية قال : كان لا تمر عليهم ليلة إلا أخذوا منها وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق أبي عبد الله الجدلي عن عبادة بن الصامت عن كعب قال [ إذا حشر الناس نادى مناد : هذا يوم الفصل أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ] الحديث وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول : تتجافى لذكر الله كلما استيقظوا ذكروا الله إما في الصلاة وإما في القيام أو قعود أو على جنوبهم لا يزالون يذكرون الله وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال : كان عرش الله على الماء فاتخذ جنة لنفسه ثم اتخذ دونها أخرى ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة ثم قال : { ومن دونهما جنتان } لم يعلم الخلق ما فيهما وهي التي قال الله : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } تأتيهم منها كل يوم تحفة وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : إنه لمكتوب في التوراة : لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل وإنه لفي القرآن { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } وأخرج البخاري مسلم وغيرهما عن أبي هريرة [ عن رسول الله A قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ] وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة وهي معروفة فلا نطول بذكرها وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال : قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب : أنا أحد منك سنانا وأنشط منك لسانا وأملأ للكتيبة منك فقال له علي : اسكت فإنما أنت فاسق فنزلت { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون } يعني بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عنه في الآية نحوه وروي نحو هذا عن عطاء بن يسار والسدي عبد الرحمن بن أبي ليلى وأخرج الفريابي وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود في قوله : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى } قال : يوم بدر { دون العذاب الأكبر } قال : يوم القيامة { لعلهم يرجعون } قال : لعل من بقي منهم أن يتوب فيرجع وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود في الآية قال : العذاب الأدنى سنون أصابتهم { لعلهم يرجعون } قال : يتوبون وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانة في صحيحه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي بن كعب في قوله : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى } قال : مصائب الدنيا والروم والبطشة والدخان وأخرج ابن جرير عنه قال : يوم بدر وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { من العذاب الأدنى } قال : الحدود { لعلهم يرجعون } قال : يتوبون وأخرج ابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه قال السيوطي بسند ضعيف عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله A يقول : [ ثلاث من فعلهن فقد أجرم : من عقد لواء في غير حق أو عق والديه أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم ] يقول الله : { إنا من المجرمين منتقمون } قال ابن كثير بعد إخراجه : هذا حديث غريب