ثم أمر الله سبحانه نبيه A بالصبر معللا لذلك بحقية وعد الله وعدم الخلف فيه فقال : 60 - { فاصبر } على ما تسمعه منهم من الأذى وتنظره من الأفعال الكفرية فإن الله قد وعدك بالنصر عليهم وإعلاء حجتك وإظهار دعوتك ووعده حق لا خلف فيه { ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } أي لا يحملنك على الخفة ويستفزنك عن دينك وما أنت عليه الذين لا يوقنون بالله ولا يصدقون أنبياءه ولا يؤمنون بكتبه والخطاب للنبي A يقال استخف فلان فلانا : أي استهدله حتى حمله على اتباعه في الغي قرأ الجمهور يستخفنك بالخاء المعجمة والفاء وقرأ يعقوب وابن أبي إسحاق بحاء مهملة وقاف من الاستحقاق والنهي في الآية من باب : لا أرينك ها هنا .
وقد أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله A يقول : [ ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } ] وهو من طريق شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء وأخرج أبو يعلى وابن المنذر عنه في قوله : { ويجعله كسفا } قال : قطعا بعضها فوق بعض { فترى الودق } قال : المطر { يخرج من خلاله } قال : من بينه وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء } في دعاء النبي A لأهل بدر والإسناد ضعيف والمشهور في الصحيحين وغيرهما أن عائشة استدلت بهذه الآية على رد رواية من روى من الصحابة أن النبي A نادى أهل قليب بدر وهو من الاستدلال بالعام على رد الخاص فقد [ قال النبي A لما قيل له : إنك تنادي أجسادا بالية ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ] وفي مسلم من حديث أنس [ أن عمر بن الخطاب لما سمع النبي A يناديهم فقال : يا رسول الله تناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون ؟ يقول الله إنك لا تسمع الموتى فقال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا ]