74 - { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } من ابتدائية أو بيانية قرأ نافع وابن كثير وابن عباس والحسن { وذرياتنا } بالجمع وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وطلحة وعيسى { وذرياتنا } بالإفراد والذرية تقع على الجمع كما في قوله : { ذرية ضعافا } وتقع على الفرد كما في قوله : ذرية طيبة وانتصاب قرة أعين على المفعولية يقال قرت عينه قرة قال الزجاج : يقال أقر الله عينك : أي صادف فؤادك ما يحبه وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال : أحدها برد دمعها لأنه دليل السرور والضحك كما أن حرة دليل الحزن والغم والثاني نومها لأنه يكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن والثالث حصول الرضى { واجعلنا للمتقين إماما } أي قدوة يقتدى بنا في الخير وإنما قال : إماما ولم يقل أئمة لأنه أريد به الجنس : كقوله : { ثم نخرجكم طفلا } قال الفراء : قال إماما ولم يقل أئمة كما قال للاثنين { إنا رسول رب العالمين } يعني أنه من الواحد الذي أريد به الجمع وقال الأخفش : الإمام جمع أم من أم يأم جمع على فعال نحو صاحب وصحاب وقائم وقيام وقيل إن إماما مصدر يقال أم فلان فلانا إماما مثل الصيام والقيام وقيل أرادوا : اجعل كل واحد منا إماما وقيل أرادوا : اجعلنا إماما واحدا لاتحاد كلمتنا وقيل إنه من الكالم المقلوب وأن المعنى : واجعل المتقين لنا إماما وبه قال مجاهد وقيل إن هذا الدعاء صادر عنهم بطريق الانفراد وأن عبارة كل واحد منهم عند الدعاء : واجعلني للمتقين إماما ولكنها حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير لقصد الإيجاز كقوله : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } وفي هذا إبقاء إماما على حاله ومثل ما في الآية قول الشاعر : .
( يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي ... إن العواذل ليس لي بأمين ) .
أي أمناء قال القفال : وعندي أن الإمام إذا ذهب به مذهب الاسم وحد كأنه قيل : اجعلنا حجة للمتقين ومثله البينة : يقال هؤلاء بينة فلان قال النيسابوري : قيل في الآية دلالة على أن الرياسة الدينية مما يجب أن تطلب ويرغب فيها والأقرب أنهم سألوا الله أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي يشار إليهم ويقتدى بهم